الثلاثاء، 24 يوليو 2012

تقرير كامل عن البطاله

المقدمة:

أصبحت كلمة بطالة واسعة الاستخدام, و غامضة المفهوم و إن للبطالة أبعادها على كافة جوانب الحياة "دينيا ـ اجتماعيا - اقتصاديا-.."
فلذلك.. الأبحاث لابد أن تركز على هذه الجوانب بجمعها بأسلوب يكفل للقضية حلا
فللمسئولين وللعلماء الحمل الأكبر لدرء أضرار هذه القضية..لكل مهم جانبه الذي يعنيه حول هذا الموضوع. وخصوصا علماء علم الاجتماع ...
ثم إن من المفترض أن تكون بيئتنا تؤمن الكثير من عوامل الإبداع لدى شبابها.. إلا أننا في هذه الأزمان لا نرى ذلك بشكل جاد وملحوظ..لذلك إن من يستطيع أن يفرض نفسه في الواقع يكون بطلا ،قد أفاد نفسه ووطنه وأمته..فلذلك أتحدث بلسان شابه في مقتبل العمر وأقول: لا بد لي أن أبحث عن ذاتي أولا وأسعى في تحقيق أهدافي ثانيا..وللبطالة أناس آخرون..
وتبدأ التساؤلات في ذهني بتعريف البطالة و ما هي أسبابها وهل لها عوامل وهل هي فعلا مؤثر قوي في مجتمعنا وكيف نجد لها حلول و ما هي نواتجها الخ.


الموضوع:

تعريف البطالة:
تعني نقص التشغيل سواء بقلة الوظائف و عدم توافرها أو وجود الوظائف الغير ملائمة التي لا تحقق حاجة الفرد من الموارد الأساسية من ملبس وسكن وغذاء
البطالة لغة: التعطل عن العمل، فيقال: بطل الأجير - الفتح- يبطل بطالة أي تعطل فهو عاطل.

تعد البطالة قضية جوهرية سواء من ناحية اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وتعد معدلات البطالة مؤشرا اقتصاديا أساسيا في التعرف على أحوال الاقتصاد. ويدرس الاقتصاديون - في دول العالم الصناعي خاصة - البطالة للتعرف على أسبابها ولمساعدة الحكومة في تحسين سياساتها العامة المؤثرة على البطالة.

فورد علميا أنه يشترط في البطالة توافر شروط ثلاثة و هي :

1. دون عمل :
أي لا يكون الشخص قد عمل لأية فترة من الزمن خلال فترة
2. الاستعداد للعمل حاليا:
أن يكون الشخص في وضع يسمح له باستلام عمل فورا أو بعد فترة عن العمل
3. البحث عن عمل:
أن يكون الشخص قد اتخذ خطوات محددة للبحث عن عمل

أسباب البطالة:"
البطالة تحدث لأسباب مختلفة، فهناك موجات من الانتعاش والانكماش في الاقتصاد، وهناك تقلبات موسمية، وقصور نوعي وكمي في التعليم، وضعف في الإنتاجية، وتغير دوري في الطلب على السلع، وهناك منازعات بين العمال وأصحاب العمل،الخ
بينما توصلت دراسة عن التعطل في دول الاسكوا إلى إن أسباب البطالة منها عدم الموائمة بين مخرجات نظم و مؤسسات التعليم العالي و بين احتياجات الاقتصاد الوطني السبب توجه الطلاب إلى دراسة تخصصات نظرية وهناك تشبع منها و قلة في عدد الخريجين التخصصات العلمية
(الاسكوا, 1993م : 63)
و ذكر الدوسري العوامل الديموغرافية, و يؤثر التركيبية العمر و النوعي للسكان و كذلك الهجرة الوافدة و الداخلية في إحداث البطالة و حجم مشاركة المرأة , و العوامل الاجتماعية تسهم بعض القيم في النظرة الدونية للعمل اليدوي (الدوسري , 1993م: 83).و البعض يقترح إن من الحلول هي سن الأنظمة لحماية المواطن العاطل, حفز القطاع الخاص لتوظيف القوى البشرية المواطنة و تشجيع الصناعات و المشروعات الصغيرة التي يمكن أن تمتص بعض من هذه المعالة الوطنية
(النويصر, 2000م: ص55-56)
أنواع البطالة :
تزيد وتنقص من مرجع أو من رسالة إلى أخرى و يأعرض بعض منها بأقلام كل من إبراهيم الدوسري و خالد النويصر (الدوسري, 1413هـ: 81 ; النويصر 2000م:53 )



البطالة الإقليمية :
إذا تعرضت احد الصناعات المهمة المتركزة في إقليم إلى تدهور أو إغلاق احد المنظمات الاقتصادية في إقليم معين لا سباب اقتصادية يؤدي إلى ظهور بطالة .

البطالة الموسمية :

أن بعض القطاعات هي النشاط الاقتصادي تتسم بطبيعة موسمية كالزراعة و البناء و التشييد و السياحة(و مثل بعض الوظائف التي تنشأ في مكة المكرمة أثناء فترة الحج أو أيام رمضان ) إذا توقف الموسم توفق النشاط فيه وتظهر البطالة.


البطالة الاختيارية:
وهي التي يرجحها الفرد العاطل على العمل و يفسر وجوها بعوامل لا تقنع الطرف الآخر

عوامل البطالة:"
وأيضا هناك عوامل مختلفة للبطالة ومنها:-

**طمع الفرد في الحصول على مبلغ أو راتب مالي بمبالغ طائلة.
**عدم إقبال الفرد واستعداده للعمل .

**حب الفرد للرفاهية مقابل الكسل والركود .
**عدم توافر فرص العمل بمؤهله العلمي.

الحلول والنتائج للحد من ظاهرة البطالة:-

** فتح مشاريع إنتاجية جديدة والإسراع في توظيف المواطنين
**تقليل أيدي العمل الآسيوية و الاجنبيه
**حضن مواهب وإبداعات كوادر الشباب المواطنين
**تحفيزهم وحثهم على العمل من خلال مدهم بقروض مالية و معنوية


الخاتمة:
يجب علينا أن نسعى للعمل فالله تعالى حثنا على العلم والعمل وبالعمل سنبني أجيال وآفاق تواكب التطور التكنولوجي والعالمي بشتى أنواعه وتسابق التحديات في سباق التميز وظاهرة البطالة نجدها منتشرة بجميع أنحاء العالم وحتى بدول الكبرى لذلك يدا بيد نحو مستقبل نظيف وطاهر من البطالة والعمالة الاجنبيه ...

مصادر والمراجع:

•ورسك ,ج.د.ن.(ترجمة د.محمد عزيز , د.محمد كعيبة ).البطالة مشكلة سياسية اقتصادية بنغازي : جامعة قان يونس


الشباب والبطالة (هل يوجد حل)

البطالة مشكلة اقتصادية ، كما هي مشكلة نفسية ، واجتماعية ، وأمنية ، وسياسية ، وجيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج ، لأنه جيل القوة ، والطاقة ، والمهارة ، والخبرة .
فالشاب يفكّر في بناء أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية بالاعتماد على نفسه ، من خلال العمل والإنتاج ، لا سِيَّما ذوي الكفاءات ، والخِرِّيجين الذين أمضوا الشطر المهم من حياتهم في الدراسة والتخصص ، واكتساب الخبرات العملية .
كما ويعاني عشرات الملايين من الشباب من البطالة ، بسبب نقص التأهيل ، وعدم توفّر الخبرات لديهم ، لتَدنِّي مستوى تعليمهم وإعدادهم من قبل حكوماتهم ، أو أولياء أمورهم .
وتؤكّد الإحصاءات أنَّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب ، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان ، وتخلف أوضاعهم الصحية ، أو تأخّرهم عن الزواج ، وانشاء الأسرة ، أو عجزهم عن تحمُّل مسؤولية أُسَرِهِم .

أضرار البطالة :

تفيد الإحصاءات العلمية أنَّ للبطالة آثارها السيئة على الصحة النفسية ، كما لها آثارها على الصحة الجسدية ، إنَّ نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات ، ويشعرون بالفشل ، وأنهم أقلُّ من غيرهم .
كما وُجِد أن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل ، وأنَّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة ، كما أن البطالة تُعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين ما زالوا في مرحلة النمو النفسي .
كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين ، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات ، وأنَّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء ، وتزايد المشاكل العائلية .
وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني ، يقدم البعض منهم على شرب الخمور ، بل وَوُجد أن 69% ممّن يقدمون على الانتحار ، هم من العاطلين عن العمل ، ونتيجة للتوتر النفسي تزداد نسبة الجريمة ، كالقتل والاعتداء بين هؤلاء العاطلين .
ومن مشاكل البطالة أيضاً هي مشكلة الهجرة ، وترك الأهل والأوطان التي لها آثارها ونتائجها السلبية ، كما لها آثارها الإيجابية .
والسبب الأساس في هذه المشاكل بين العاطلين عن العمل هو الافتقار إلى المال ، وعدم توفّره لِسَد الحاجة ، إن تعطيل الطاقة الجسدية بسبب الفراغ ، لا سيما بين الشباب الممتلئ طاقة وحيوية ، ولا يجد المجال لتصريف تلك الطاقة ، يؤدِّي إلى أن ترتدَّ عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً ، مسببة له مشاكل كثيرة .
وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم إلى مشاكل أساسية معقَّدة ، ربما أطاحت ببعض الحكومات ، فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجَّه ضد الحكّام وأصحاب رؤوس المال ، فهم المسؤولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة .

الإسلام والبطالة :

وقد حلَّل الإسلام مشكلة الحاجة المادية والبطالة تحليلاً نفسياً ، كما حلَّلها تحليلاً مادياً .
فمنها ما روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قوله : ( إنَّ النفسَ اذا أحرزت قُوَّتها استقرَّت ) .
وعن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ( إنَّ النفسَ قد تلتاثُ على صاحِبِها ، إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه ، فإذا هي أحرزت قُوَّتها اطمأنَّت ) .
وهذا النص يكشف العلمية التحليلية للعلاقة بين الجانب النفسي من الإنسان وبين توفّر الحاجات المادية ، وأثرها في الاستقرار والطمأنينة ، وأن الحاجة والفقر يسببان الكآبة والقلق وعدم الاستقرار ، وما يستتبع ذلك من مشاكل صحية معقَّدة ، كأمراض الجهاز الهضمي ، والسكر ، وضغط الدم ، وآلام الجسم ، وغيرها .
والبطالة هي السبب الأوَّل في الفقر والحاجة والحرمان ، لذلك دعا الإسلام إلى العمل ، وكره البطالة والفراغ ، بل وأوجب العمل من أجل توفير الحاجات الضرورية للفرد ، لإعالة من تجب إعالته .

العلاج :

ولكي يكافح الإسلام البطالة دعا إلى الاحتراف ، أي إلى تعلّم الحِرَف ، كالتجارة ، والميكانيك ، والخياطة ، وصناعة الأقمشة ، والزراعة ، وإلى آخره من الحِرف .
فقد جاء في الحديث الشريف : ( إنَّ الله يُحبُّ المحترف الأمين ) .
ولقد وجَّه القرآن الكريم الأنظار إلى العمل والإنتاج ، وطلب الرزق ، فقال : ( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) الملك 15 .
وقال أيضاً : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ) الجمعة 10 .
واعتبر الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) العمل كالجهاد في سبيل الله ، فقد روي عنه ( صلى الله عليه وآله ) قوله : ( الكَادُّ عَلى عِيَاله كالمُجاهد في سَبيلِ الله ) .
وروي عن الإمام علي ( عليه السلام ) قوله : ( إنَّ الأشياء لما ازدَوَجَت ، ازدوَجَ الكسلُ والعجز ، فنتجَ بينهُما الفقر ) .
وفي التشديد على التحذير من البطالة والكسل والفراغ ، نقرأ ما جاء في رواية الإمام الرضا عن أبيه الإمام الكاظم ( عليهما السلام ) ، قال : ( قالَ أبي لِبَعض وِلده : إيَّاكَ والكسل والضجر ، فإنَّهما يمنعانك من حَظِّك في الدنيا والآخرة ) .
وقد جسَّد الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) والصالحون ( رضوان الله عليهم ) هذه المبادئ تجسيداً عملياً ، فكانوا يعملون في رعي الغنم ، والزراعة ، والتجارة ، والخياطة ، والنجارة .
وقد وضّح الإمام علي الرضا ( عليه السلام ) ذلك ، فقد نقل أحد أصحابه ، قال : رأيت أبا الحسن ( عليه السلام ) يعمل في أرضه ، قد استنقعت قدماه في العرق ، فقلت له : جُعلت فداك ، أين الرجال ؟
فقال ( عليه السلام ) : ( رَسولُ الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين وآبائي ، كُلّهم كانوا قد عَمِلوا بأيديهم ، وهو من عَمَل النبيِّين والمُرسلين والأوصِياء والصَّالحين ) .
إنَّ كل ذلك يوفّر لجيل الشباب وعياً لِقِيمَة العمل ، وفهماً عميقا لأخطار البطالة ، مما يدعوهم إلى توفير الكفاية المادية ، والكرامة الشخصية بالعمل والإنتاج ، والابتعاد عن البطالة والكسل .
ومن أولى مستلزمات العمل في عصرنا الحاضر ، هو التأهيل الحِرَفي والمِهَني ، واكتساب الخبرات العملية ، فالعمل يملأ الفراغ ، وينقذ الشباب من الأزمات النفسية ، ويُلبِّي له طموحه في توفير السعادة ، وبناء المستقبل .
وكم تجني الأنظمة والحكومات لا سيما الدول الرأسمالية ، والشركات الاحتكارية ، على أجيال الشباب في العالم الثالث ، باستيلائها على خيراته وثرواته ، واشعال نيران الحروب والصراعات والفتن ، واستهلاك مئات المليارات بالتسليح والاقتتال ، مما يستهلك ثروة هذه الشعوب ، ويضعها تحت وطأة البطالة والفقر ، والتخلف والحرمان .
لذا يجب أن نتسلح بالوعي السياسي والاجتماعي ، ونعمل على استثمار ثرواتنا ، وتنمية الإنتاج والخدمات لأجيال الحاضر والمستقبل

هكذا حارب الاسلام البطالة


لقد حارب الأسلام البطالة من خلال النصوص التالية، وهذه النصوص تشعر الإنسان المتعمد للبطالة بأنه ، عبء ثقيل على كاهل الحياة والمجتمع ، فاقد للعزة والكرامة ، مهين عند الله لا يستجيب لردؤه وعند المجتمع لا يقيم له وزناً ، جاء عن أهل البيت (ع) :
* ((إياك والكسل والعجز فإنهما يمنعانك من حضك من الدنيا والآخرة)) .
* ((إن الأمور لما ازدوجت ازدوج الكسل والعجز منتهج بينهما الفقر)).
* ((ان الله عز وجل يبغض العبد النوام الفارغ)) .
* ((ملعون من ألقى كله على الناس)).


ـ وعالج الإسلام مشكلة التضخم المالي علاجاً جذرياً ، اما الأول فهو يتمثل في الزكاة «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» و«اقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» وفي الخمس ـ الذي هو حق للهاشميين تنزيهاً لهم عن الزكاة لأنها من فضلات أيدي الناس ، اجل وأوفر تكريم لهم ـ «واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل» . اما النظام الثاني فهو يتمثل في نظام الصدقات المستحبة وفي الحث على الصدقات نصوص كثيرة : ((وإذا املقتم فتاجروا بالصدقة)) ((داووا مرضاكم باصدقة)) ((صدقة السر تطفئ غضب الرب)) . «من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له» .

أما الضمان الاجتماعي في الإسلام فهو حق من حقوق المواطنين ومسؤولية الزامية على الدولة . والخطوط الرئيسية التي سلكها الإسلام للضمان الاجتماعي تتمثل في ما يلي :

1 ـ (مسؤولية الدولة في تسديد النقص والإعواز الذي يلحق الفرد) :
والدولة مسؤولة عن توفير الحاجات الضرورية للفرد للقيام بشؤونه ، مسؤولة عن تسديد بقية نفقته ونفقة عياله وما يحتاج إليه من بيت المال .
2 ـ (وفاء الدين) :
والدولة مسؤولة عن تسديد دين العامل وغيره فيما إذا عجزوا عن تسديده . وكانت الاستدانة لوجه مشروع إسلاميا كالزواج، وشراء المسكن، وبنائه، وترميمه، وغير ذلك من الجهات المشروعة. . .

3 ـ (الانفاق على العاجز) :
والدولة مسؤولة عن توفير الحاجات الضرورية للفرد في حالة : المرض ، العجز ، الشيخوخة ، الترمل ، البطالة المشروعة ، اي : عدم الحصول على عمل . فالعاجز عن العمل لمرض أو شيخوخية أو غير ذلك إذا لم يكن له مال ولا ولد ينفق عليه تكون الدولة مسؤولة عن الانفاق عليه .

كيف عالج رسول الله صل الله علية وسلم مشكلة البطالة

لقد اهتمَّ الإسلام بمشكلتي الفقر والبطالة، وحرص على علاجهما - قبل نشوئهما - بوسائل متعدِّدة حفاظًا على المجتمع المسلم من الأخطار التي قد تصيبه أخلاقيًّا وسلوكيًّا وعقائديًّا؛ حيث تؤكِّد الإحصائيَّات العلميَّة أنَّ للفقر والبطالة آثارًا سيِّئة على الصحَّة النفسيَّة، وخاصَّة عند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني؛ حيث يُقْدِم بعضهم على شُرْب الخمور، كما تزداد نسبة الجريمة - كالقتل والاعتداء - بين هؤلاء العاطلين؛ لذلك كان رسول الله يستعيذ كثيرًا من الفقر، بل ويجمعه في دعاء واحد مع الكفر، فيقول رسول الله : "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ"[1].

الحل النبوي لمشكلتي الفقر والبطالة

كما يُعَاني العالم اليوم من جرَّاء مشكلتي الفقر والبطالة فإنه قد عانى قديمًا، فكان الحلُّ النبوي لهذه المشكلة حلاًّ عمليًّا متدرِّجًا مبنيًّا على تعاليم الإسلام وأحكامه؛ حيث بدأ رسول الله بتشجيع الناس على مزاولة الأعمال، وبعضَ المهن والصناعات، كما كان يفعل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الذين أَعْطَوا القدوة والمثل الأعلى في العمل والكسب الحلال، فقال رسول الله عن نبي الله داود: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ"[2].
وكان رسول الله القدوة والمَثَل الذي يُحتذى به في هذا المجال؛ حيث كان يرعى الغنم، ويُزَاول التجارة بأموال خديجة -رضي الله عنها- قبل بعثته؛ فعن أبي هريرة ، عن النبيِّ أنه قال: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ". فقال أصحابه: وأنتَ؟ فقال: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ[3] لأَهْلِ مَكَّةَ"[4].
كما كانت نظرة رسول الله للعمل نظرة تقدير واحترام، مهما كانت طبيعته؛ فإنه خيرٌ من سؤال الناس والذِّلَّة بين أيديهم، ويُصَوِّر رسول الله هذا الأمر بقوله: "لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ"[5]. كما تتفرَّد النظرة النبويَّة للعمل كذلك بأنها تربط بين العمل وثواب الله في الآخرة.
وشجَّع رسول الله المشاريع الاقتصادية بين المسلمين، وحثَّهم على المزارعة[6]، كما فعل الأنصار مع إخوانهم المهاجرين الفقراء، الذين قَدِموا على المدينة بلا أدني مال، فعن أبي هريرة أنه قال: قالت الأنصار للنبي : اقسمْ بيننا وبَيْن إخواننا[7] النَّخِيلَ. فقال: "لا". فقالوا: تَكْفُونَا الْمُؤْنَة, وَنَشْرَككُمْ في الثمرة. قالوا: سمِعْنا وأطَعْنا[8].
وحرَّم رسول الله الربا لما له من مضارَّ على فقراء المجتمع؛ فهو يعوق التنمية، ويُسَبِّب التخلُّف، ويَزِيد الفقير فقرًا؛ ممَّا يؤدِّي إلى الهلاك؛ كما قال رسول الله : "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ". قالوا: يا رسول اللَّه، وما هنَّ؟ قال: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ... وَأَكْلُ الرِّبَا..."[9].
الفقر والبطالةوسيرة رسول الله كانت تطبيقًا عمليًّا لهذه المبادئ والقيم، التي تعمل على حلِّ مشكلتي الفقر والبطالة، فعن أنس بن مالك أن رجلاً من الأنصار أتى النبي يسأله[10]، فقال : "أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟" قال: بلى، حِلْس[11]؛ نلبس بعضه[12]، ونبسط بعضه، وقَعْب[13] نشرب فيه من الماء. قال: "ائْتِنِي بِهِمَا". قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله بيده، وقال: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟" قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟" مرَّتين أو ثلاثًا، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إيَّاه وأخذ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاري، وقال: "اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا، فَانْبذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ". فأتاه به، فشدَّ فيه رسول الله عودًا بيده، ثم قال له: "اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا". فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا، وببعضها طعامًا، فقال رسول الله : "هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تَصْلُحُ إِلاَّ لِثَلاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ[14]، وَلِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ[15]"[16]. فكانت معالجته معالجة عمليَّة؛ استخدم فيها رسول الله كل الطاقات والإمكانات المتوفِّرة لدى الشخص الفقير، وإن تضاءلت؛ حيث علَّمه رسول الله كيف يجلب الرزق الحلال من خلال عمل شريف.
أمَّا إذا ضاقت الحال، ولم يجد الإنسان عملاً، وأصبح فقيرًا محتاجًا، فعلاج الإسلام حينئذ لهذه المشكلة هو أن يَكْفُل الأغنياءُ الموسرون أقاربهم الفقراء، وذلك لما بينهم من الرَّحِمِ والقرابة، وقد وصفه الله بأنه حقٌّ من الحقوق الواجبة بين الأقارب، فقال تعالى: {فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ[الروم: 38]، ثم تأتي السيرة النبويَّة خير تطبيق لهذا الحقِّ، وتُرَتِّب أولويَّات التكافل لدى كل مسلم؛ فعن جابر  أنه قال: أعتق رجل من بني عُذْرة عبدًا له عن دُبُرٍ[17]، فبلغ ذلك رسولَ الله ، فقال: "أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟" فقال: لا. فقال: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟" فاشتراه نُعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله فدفعها إليه، ثم قال: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا". يقول: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وعن يمينك وعن شمالك[18].
وإذا عجز الأقارب الأغنياء عن سدِّ حاجة الفقراء جاء دَوْرُ المجتمع ككلٍّ؛ متمثِّلاً في الزكاة التي فرضها الله للفقراء من أموال الأغنياء، ولكنَّ رسول الله جعلها مقصورة على الفقير الذي لا يستطيع العمل والكسب؛ لذلك قال رسول الله : "لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ[19]"[20]. بهذا لم يجعل رسول الله لمتبطِّل كسول حقًّا في الصدقات؛ ليدفع القادرين إلى العمل والكسب.
أمَّا إذا عجزت الزكاة فإن الخزانة العامَّة للدولة المسلمة بكافَّة مواردها تكون هي الحلَّ لمعالجة مشكلة الفقر والبطالة، والموئل لكل فقير وذي حاجة - مسلمًا كان أو غير مسلم - وخير شاهد على ذلك من سيرة رسول الله ما كان يفعله مع أهل الصُّفَّة[21].
وإذا بقي في المجتمع فقيرٌ لا يستطيع العمل؛ وجب على المجتمع كله أن يُخْرِج الصدقات ابتغاء مرضاة الله وثوابه، وهذه مزيَّة تميَّز بها الإسلام عن غيره من المعالَجَات البشريَّة للمشكلة، فها هو ذا النبي يُعَلِّم أصحابه الإنفاق، فعن جرير بن عبد الله  أنه قال: خطبنا رسول الله فحثَّنَا على الصدقة، فأبطئوا حتى رُئِيَ في وجهه الغضب، ثم إن رجلاً من الأنصار جاء بصُرَّة[22]، فأعطاها له، فتتابع الناس حتى رُئِيَ في وجهه السرور، فقال رسول الله : "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا، وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَمِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ"[23].
وبهذه القيم يظلُّ المجتمع متماسكَ البنيان، ومتوازن الأركان، ولا تنهشه أمراض الحقد والحسد، والنظر إلى ما في يد الآخرين، فتمتلئ بطونُ البعض، بينما غيرهم لا يجد ما يسدُّ رمقه، أو يُبقي على حياته، فكان الإسلام ناجحًا في إيجاد الحلول العمليَّة والواقعيَّة لمشكلتي الفقر والبطالة، ولعلَّ هذه الطريقة الفريدة الفذَّة في علاج مثل هذه المشكلة لَمِنْ أبلغ الأدلَّة على نُبُوَّته ، وعلى أن المنهج الذي أتى به ليس منهجًا بشريًّا بحال، إنما هو من وحي الله العليم الخبير.
د. راغب السرجاني

كيف عالج الإسلام البطالة؟ بقلم: عبد القادر المطري

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وليّ الصالحين، وأشهد أن محمداً  عبده ورسوله. أما بعد: فهذا ملخص لبحث بعنوان:
" البطالة ومعالجة الإسلام ".
وهذا البحث هو جزء من مساق " النظام الاقتصادي في الإسلام" الذي درّسه د. عفيف حمد، كمتطلب إجباري بالدراسات العليا، دائرة الدراسات الإسلامية المعاصرة، بجامعة القدس، في الفصل الثاني للعام الدراسي 2009/2010.



البـــاب الأول

البطالة: تعريفها، أنواعها، أسبابها

الفصل الأول: تعريف البطالة


أ- لغة:

1- جاء في المعجم الوسيط تحت مادة (بَطَلَ):
"بَطَلَ الشيء بُطْلاً، وبُطولاً، وبُطْلاناً: ذهب ضياعاً..وبطل فسد وسقط حكمه، ..وبطل
العامل بِطالة: تعطّل. فهو بطّال" .
2- وجاء في المصباح المنير تحت نفس المادة:
"..وبَطَلَ الأجير من العمل فهو بطّال بيّن البَطالة بالفتح، وحكى بعض شارحــــي
المعلقات البِطالة بالكسر وقال هو أفصح، وربما قيل بُطالة بالضم حملاً على نقيضهـا
وهي العُمالة" .
3- كما جاء في المفردات للأصفهاني تحت نفس المادة:
"الباطل نقيض الحق وهو ما لا ثبات له عند الفحص عنه..ويقال للمستقل عمّا يعود بنفع
دنيوي أو أخروي بَطّال وهو ذو بِطالة بالكسر.." .
ويلاحظ من جميع هذه التعريفات أن مادة بطل تحمل في طياتها معاني الضياع، والفساد، والخسران، والسقوط، والتعطّل، كما يلاحظ أن الأصفهاني اعتبر "البطّال"، أو "ذو البطالة" أنه القاعد عن السعي لمنفعة الدنيا أو الآخرة.

ب- اصطلاحاً:

1- التعريف الفقهي:
"هي العجز عن الكسب، وهذا العجز إما أن يكون ذاتياً كالصغر والأنوثة والعته والشيخوخة والمرض، أو غير ذاتي كالاشتغال بتحصيل العلم، وكذا العامل القوي الذي لا يستطيع تدبير أمور معيشته بالوسائل المشروعة المعتادة، أو الغني الذي يملك مالاً ولا يستطيع تشغيله، بينما لا يعتبر التفرغ للعبادة من العجز" .

2- تعريف منظمة العمل الدولية:

يمكن تعريف البطالة من خلال تعريف العاطل، فقد عرفت منظمة العمل الدولية العاطل بأنه: "كل من هو قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى" . وبذا يمكن القول أن تعريف البطالة بأبسط معانيها:
"عدم الحصول على فرصة عمل أو وظيفة لكل قادر على العمل محتاج إليه" .

الفصل الثاني: أنواع البطالة


1- من حيث إرادة العاطل:

أ- البطالة الاختيارية: وتتمثل في رفض الشخص القادر على العمل للوظيفة، حيث يرى أنها لا
تتناسب مع مؤهلاته مثلاً، أو للرغبة في الراحة عند توافر مصدر جيد للدخل.
ب- البطالة الإجبارية: أي تحدث البطالة رغماً عن الفرد ذاته، فنجد أن الشخص القادر على العمل
والراغب فيه يبحث عنه ولكنه لا يجده. وتظهر عادة في حالة تسريح العمال
أو تصفية الشركات.

2- من حيث الظهور والخفاء:

أ- البطالة السافرة (الصريحة): وهي عبارة عن وجود أفراد قادرين على العمل، لكنهم لا
يستطيعون الحصول على وظائف.
ب- البطالة المقنعة: وهي ليست بطالة حقيقية، إنما هي عبارة عن سوء استخدام للأيدي العاملة.
ويقصد بها أن قوة العمل التي تشغل بعض الوظائف، لا تؤدي دوراً ملحوظاً،
أي عمالة فائضة لا حاجة لها.

3- من حيث توقيت البطالة:

أ- البطالة الدورية: وهي البطالة التي تظهر بسبب الدورة الاقتصادية، وتنتج عن دورية النظام
الرأسمالي المنتقلة دوماً بين الانتعاش والتوسع الاقتصادي، وبين الانكماش
والأزمة الاقتصادية.

ب- البطالة الموسمية: وهي تظهر بسبب تباين المواسم وطبيعة العمل، حيث أن هناك أعمالاً لا

يمكن تأديتها إلا خلال مواسم معينة من السنة، ولذ يظل العمال الذين
يمارسونها في حالة بطالة بقية السنة، مثل الزراعة، مواسم الحج والعمرة،
مواسم الأعياد والرحلات.
ج- البطالة الجزئية: وتظهر بسبب الانتقال من وظيفة لأخرى، حيث يكون العاطل في وقت انتظار
قبوله في وظيفة جديدة، أو الحصول على إخلاء طرف من الوظيفة القديمة
بلا عمل.

4- من حيث تأثير السوق:

أ- البطالة الاحتكاكية: وهي ناتجة عن تنقل العمال ما بين الوظائف والقطاعات والمناطق المختلفة.
ب- البطالة الهيكلية: وهي المرتبطة بهيكلة الاقتصاد، أي الناتجة عن التحولات الاقتصادية من تغير
في الطلب على المنتجات أو من التقدم التكنولوجي، أو انتقال الصناعات إلى
بلدان أخرى بحثاً عن شروط استغلال أفضل وربح أعلى.
ج- البطالة التكنولوجية (الفنية): وتنتج عن استبدال اليد العاملة بالتقدم التكنولوجي، أي الميكنة.

وهنالك تقسيمات أخرى لأنواع البطالة ليس هذا المجال لذكرها. ولأغراض بحثنا هذا سنركز على معالجة الإسلام للبطالة من حيث كونها إجبارية أو اختيارية.


الثالث: أسباب البطالة


أولاً: أسباب البطالة الاختيارية:

1- رفض بعض الأفراد العمل في مهن معينة بحجة أنها لا تناسبهم.
2- اعتماد بعض الأفراد على الوالدين.
3- الشعور بالكسل.

ثانياً: أسباب البطالة الإجبارية:

1- التقدم التكنولوجي.
2- خروج المرأة للعمل.
3- معدلات النمو الاقتصادي المنخفضة.
4- ضعف نظم التعليم والتدريب.
5- استغلال أصحاب العمل للعمال: ساعات العمل الإضافية وأحياناً بلا أجر-
تشغيل الأطفال.

ويمكن جمع هذه العوامل كلها في جملة واحدة: "عدم قيام الدولة بما هو واجبها في هذا المجال".










البــاب الثاني

الآثار المترتبة على البطالة

"إن البطالة لها من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي لا يمكن إهمالها، فالبطالة تشكل السبب الرئيسي لمعظم الأمراض والمشكلات الاجتماعية في أي مجتمع ( التطرف، الإرهاب، المخدرات، الجريمة بأنواعها...الخ ) كما أنها تمثل تهديداً واضحاً على الاستقرار السياسي والترابط الاجتماعي.." .

ويمكن رصد آثار البطالة على المستويات التالية:

الفصل الأول: الآثار النفسية


1- الإصابة بالإحباط، وعدم الثقة بالنفس، والاكتئاب، والقلق، والشعور بالفشل.

2- وجود مشاعر الكراهية والحسد والغيرة.
3- ظهور الخمول والكسل؛ لأن الإنسان قد يصاب بالفتور بمرور الوقت والزمن، ويصبح الخمول
والكسل عادة له.
4- الفراغ القاتل، الذي يحدث عند الفرد، مما قد يوجه تفكيره إلى المحرمات والجرائم.

الفصل الثاني: الآثار الاجتماعية


1- إضعاف الروابط الأسرية، وتفكيكها.

2- الشعور بعدم الانتماء للمجتمع، ومحاولة تعويض ذلك بالانتماء لجماعات إجرامية
أو متطرفة.
3- التوجه للجريمة والانحراف مثل تعاطي المخدرات، أو السرقة... الخ.
4- الهجرة لخارج البلاد مما يحرمها من ثروتها البشرية.

الفصل الثالث: الآثار الاقتصادية


1- إهدار الطاقات الإنتاجية مما يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي.

2- ضعف القوة الشرائية تدريجياً بالسوق الداخلي؛ مما يؤدي إلى تأثر عملية العرض والطلب
بالسوق، وتراجع النشاط الاقتصادي.
3- إنفاق الدولة لتمويل برامج المعونة الاجتماعية – إن وجدت – أو لمحاربة الجريمة التي ترجع،
جزئياً، إلى البطالة.

الفصل الرابع: الآثار السياسية

1- ظهور التوتر في العلاقة بين المجتمع والدولة مما يؤثر على استقرار الدولة.
2- الشعور بعدم الانتماء للمجتمع والدولة قد يؤدي إلى السقوط في هاوية العمالة أو فخ
التطرف.


البــاب الثالث

معالجة الإسلام لمشكلة البطالة

الفصل الأول: الإسلام والعمل


لقد أخذ العملُ في الإسلام مكانة لا تدانيها مكانة فلم يحدث أن دينًا من الأديان السابقة أكد قيمة العمل وقيمة الفرد العامل كما فعل الإسلامُ الذي جعل العملَ واجباً إسلامياً مفروضاً على كل إنسان مهما علا شأنه أو صغر، وقرر منذ بدء دعوته أن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، وأنه قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح، ومن هنا كان الارتباط والاقتران بين الإيمان والعمل في آيات كثيرة من كتاب الله الكريم؛ قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَن عمَلا) الكهف: 30، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا)، الكهف: 107،

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ)، يونس: 9، فلا إيمان إلا بالعمل الصالح الذي يؤكد هذا الإيمان تأكيداً عملياً من خلال الكد والاجتهاد والبحث عن الرزق وإعمار الأرض.
ولقد حرَص الإسلام على دفع المسلمين إلى العمل، وحضهم عليه، وترغيبهم فيه، وفتَحَ أمامهم أبوابَ العمل الصالح على مصراعيها؛ ليختار كلُّ إنسان ما يناسبُ قدراتِه وإمكانياتِه ومهاراته من عمل طيب، وجاء الأمرُ بالانتشار في الأرض بعد الصلاة طلبا للرزق؛ فقال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، الجمعة: 10.
ووردت أحاديث كثيرة تبين فضل الكسب والمهن والحرف اليدوية؛ فعن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله  قال: "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" . وفي الحث على المزارعة والغرس، روي عن أنس بن مالك أن رسول الله  قال: "ما من مسلم يزرع زرعاً أو يغرس غرساً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة" .
ولقد كان الرسلُ والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم من أحرص الناس على العمل إلى جانب الدعوة إلى الله فكان نوحٌ نجاراً، وكان إدريس خياطاً، وكان داود حداداً، وكان موسى أجيراً عند شعيب، وكان نبينا عليه الصلاة والسلام يرعى الغنم، ويعمل بالتجارة قبل البعثة.
وقد اقتدى به الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- فحرَصوا على العمل والسعي في طلب الرزق؛ فكان منهم الصانع والتاجر والزارع، وكانوا يتمتعون بالغنى وسعة الرزق ويمارسون أعمالهم مع انشغالهم في الدعوة والجهاد في الغزوات والحروب والفتوحات التي كانوا يحققون فيها النصر والظفر.

الفصل الثاني: الإسلام والبطالة


قد رأينا كيف نظر الإسلام للعمل كقيمة عالية، حاثاً عليها، ومرشداً إليها. أما البطالة، فقد أخذ منها الإسلام موقفاً عكسياً تماماً، فقد بث في روع أتباعه النفور منها، والبغض لها، ولنقف الآن مع بعض الأخبار والآثار الدالة على صحة ما نقول:

1- فقد روى أحمد والبخاري وابن ماجه عن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- أن رسول الله  قال: "لأن
يأخذ أحدكم حبله فيأتي الجبل، فيجيء بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها فيكف الله بها وجهه، خير له من أن
يسأل الناس، أعطوه أو منعوه" .
2- كما أنكر النبي عليه على من جاء مستعطياً وهو جلد قوي قادر على الكسب. فقد روى أحمد، والنسائي
وأبو داود عن النبي  أنه جاءه رجلان يسألانه الصدقة، فرفع فيهما البصر وخفضه، فوجدهما جلدين قويين
فقال: "إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب" .
3- كما أنه توعد سائل الناس عن غير حاجة، أي محترفي التسول، فقال : "لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى
الله وليس في وجهه مزعة لحم" .
4- ومرَّ عمر رضي الله عنه بقومٍ من أهل اليمن جاءوا إلى الحج بلا زاد، فقال: "من أنتم؟ فقالوا: المتوكلون.
فقال: بل أنتم المتواكلون، إِنما المتوكل رجلٌ ألقى حبه في بطن الأرض وتوكل على ربه عز وجل .
5- وقال عمر رضي الله عنه: "لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني، فقد علمتم أن السماء لا
تمطر ذهباً ولا فضة" .
6- وكان عمر "يرى الرجل فيعجبه منظره، فيسأل: أله حرفة تغنيه عن سؤال الناس؟ فإن تبين أنه لا حرفة له،
سقط من نظره وازدراه" .
7- وقال ابن مسعود: "إني لأكره أن أحد الرجل فارغاً لا في أمر دنياه ولا في أمر آخرته" .


الفصل الثالث: دور الدولة في علاج البطالة


ينبع موقف الإسلام من العمل، من فكرة الاستخلاف في الأرض، لأنها لن تتحقق إلا بالحركة والتغيير والعمل، ومصداق ذلك قوله تعالى: (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون)، يونس:14.

"والعمل في عرف الإسلام يعد حقاً وواجباً في آن واحد، فهو حق للفرد على المجتمع بتوفيره، وواجب عليه أيضاَ تجاه المجتمع. وينبني على ذلك التزام المجتمع بتوفير العمل لكل قادر، والتزام كل قادر بتقديم العمل إلى المجتمع. وإذا لم يتكاتف المجتمع كله في توفير العمل، أثمت الجماعة كلها ممثلة في الدولة، لأنها قصرت في توفير الجو الملائم لكي يظهر كل إنسان استعداده وقدراته فيحقق بذلك الأمانة التي كلف بها من لدن خالقه: .
ويمكن القول أن دور الدولة الإسلامية في معالجة البطالة قد يأخذ أحد الشكلين التاليين:
1- شكل المعالجة التربوية: ويكون ذلك بإرشاد ونصح العاطلين عن العمل إلى ما يمكن أن يصلح لهم من
أعمال، ولنقرأ معاً هذه الآثار لنفهم كيف تكون مثل هذه المعالجة:
أ- عن أنس بن مالك أن رجلاً من الأنصار أتى للرسول  فسأله (أي سأله حاجة)، فقال رسول الله :
"أما في بيتك شيء" ، فقال الأنصاري: بلى ، حلس (أي كساء غليظ) نلبس بعضه، ونبسط بعضه، وإناء
نشرب فيه الماء فقال : "ائتني بهما" فأتاه بهم بأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وقال:" من
يشتري هذه" فقال رجل: أنا فأخذهما بدرهمين فأعطاها إياها رسول الله ، فأخذها منه وأعطاها للأنصاري
وقال: " اشتري بأحدها طعاماً فانبذه إلى أهلك واشتري بالآخر قدوماً فائتني به، فأتاه به فشد به رسول الله
عوداً بيده، ثم قال: "اذهب واحتطب وبع ولا أرينك إلا بعد خمسة عشر يوماً"، ففعل الرجل وعاد لرسول
، بعد انقضاء المدة وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها الآخر طعاماً ، فقال رسول
الله : " هذا خير لك من أن تجيء والمسألة نكته في وجهك يوم القيامة" . ويجمع هذا الحديث فوائد
عظيمة :
1- لم يعالج الرسول السائل المحتاج بالمعونة المادية الوقتية.
2- لم يعالج الرسول  المشكلة بالوعظ المجرد والتنفير من المسألة.
3- جعله رسول الله  بهذه الآلية يعالج مشكلته بنفسه وبشكل ناجح.
4- تعليم الرسول  للرجل السائل وللبشرية بضرورة استغلال الموارد المتاحة وإن صغرت في حجمها
أو نوعها.
5- إرشاد الرسول الرجل للعمل الذي يناسب شخصيته وقدرته، ومهارته وظروفه و البيئة التي يعيش
فيها.
6- أعطاه الرسول  فترة زمنية خمسة عشر يوماً ليعرف مدى ملاءمة هذا العمل للرجل، وهل يحتاج
لعمل آخر أم لا.
7- هيئ الرسول  له ظروف العمل وآلته عندما أخذ الآلة وشدها بحبل.
8- أوجد رسول الله  في نفس الرجل روح المبادرة للعلم وتحدي الصعاب.
9- أصبح هذا الرجل صاحب لمشروع صغير بلغة العصر الحديث.
ب- روي عن نافع قال‏:‏ "دخل شاب قوي المسجد، وفي يده مشاقص-نصال- وهو يقول‏:‏ من يعينني في سبيل الله‏؟‏ فدعا به عمر فأتي به، فقال‏:‏ من يستأجر مني هذا‏ يعمل في أرضه‏؟‏ فقال رجل من الأنصار‏:‏ أنا يا أمير المؤمنين، قال‏:‏ بكم تأجره كل شهر‏؟‏ قال‏:‏ بكذا وكذا، قال‏:‏ خذه، فانطلق به، فعمل في أرض الرجل أشهراً، ثم قال عمر للرجل ما فعل أجيرنا‏؟‏ قال‏:‏ صالح يا أمير المؤمنين. قال‏:‏ ائتني به، وبما اجتمع له من الأجر، فجاء به وبصرة من دراهم، فقال‏:‏ خذ هذه، فإن شئت فالآن فاغزُ إن شئت فاجلس‏" .‏
فانظر معي إلى عمر العبقري – رضي الله عنه - كيف أنه:
1- لم يأذن للرجل في المسألة حتى ولو بحجة الجهاد في سبيل الله.
2- لم يأمر الشاب بالبحث عن العمل، بل مباشرة وفر له العمل المناسب له.
3- جعل من نفسه، بصفته أميراً للمؤمنين، ولياً على الشاب، فوفر له العمل بسهولة.
4- ادخر للشاب جميع أجرته ثم أعطاه إياها، ليترك للشاب الفرصة لإتقان مهنة الزراعة.
5- أعطى للشاب أجرته كلها في نهاية الأمر مخيراً إياه بين الغزو أو الجلوس كعنصر منتج في المجتمع.

2- شكل المعالجة العملية: ويكون ذلك بتدخل الدولة المباشر من خلال بيت المال مثل:


1- القروض:

"وقد أعطى عمر بن الخطاب من بيت المال للفلاحين في العراق أموالاً لاستغلال أرضهم. والحكم الشرعي أن يعطى الفلاحون من بيت المال ما يتمكنون به من استغلال أراضيهم إلى أن تخرج الغلال، وعن الإمام أبي يوسف "ويعطى للعاجز كفايته من بيت المال قرضاً ليعمل فيها" أي الأرض. وكما يقرض بيت المال الفلاحين للزراعة، يقرض من هم مثلهم ممن يقومون بالأعمال الفردية، التي يحتاجون إليها لكفاية أنفسهم في العيش" .
"وكان الوزير العباسي علي بن عيسى - رحمه الله - يسلف المزارعين بالنقود من أجل شراء الأبقار لحراثة الأرض وزراعتها كما أنه عمل على تسليف البذور للمحتاجين من الفلاحين على أن يسترجع ذلك منهم في موسم الحصاد" .

2- السماح بالتحجير:

فقد قال : "من أحيا أرضاً ميتة فهي له". رواه البخاري عن عمر، وقال: "من أحاط حائطاً على أرض فهي له" رواه أحمد وقال: "من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له" رواه الطبراني في الكبير..إلا أن شرط التملك أن يستثمر الأرض خلال مدة ثلاث سنين من وضع يده عليها، وأن يستمر هذا الاحياء باستغلالها..روى أبو يوسف في كتاب الخراج عن سعيد بن المسيب: قال عمر بن الخطاب: (..وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين)" .

3- عطاءات الدولة:

"وذلك بإعطاء من قصرت بهم قدراتهم عن بلوغ ما يحتاجون، من الأموال العامة المنقولة- كالإعطاء من أموال الفيء من بيت مال المسلمين – وغير المنقولة - كإعطاء الأرض لمن لا يملك أرضاً من الفلاحين (الإقطاع) – ويذكر المؤرخون أن رسول الله  لما أجلى بني النضير – جزاء على ما ارتكبوه من الخيانة – واستولى على أموالهم وأراضيهم، وزع هذه الأموال على المهاجرين الأولين، لما كانوا عليه من الفقر والحاجة، ولم يعط الأنصار منها شيئاً لأنهم كانوا في كفاية من مالهم، إلا رجلين من الأنصار هما سهل بن حُنيف وأبا دجانة سِماك بن خَرَشة، فإن رسول الله  قد أعطاهما لأنهما كانا فقراء" .
وفي ذلك يقول النبهاني: "وتعطي الدولة الرعية من ملكيتها إما لسد حاجاتهم، أو للانتفاع بملكيتهم، "كما فعل رسول الله حين قدم المدينة فقد أقطع أبا بكر وعمر، كما أقطع الزبير أرضاً واسعة، فقد أقطعه ركض فرسه في موات البقيع، وأقطعه أرضاً فيها شجر ونخل، وكما أقطع الخلفاء الراشدون من بعده أرضاً للمسلمين" .


خاتمة البحث


رأينا كيف أن البطالة في اللغة تعني الخسران والضياع والفساد، ثم رأينا تعريف البطالة وشروطها.

ثم عرجنا على أنواع البطالة، و أوضحنا بأننا سنقتصر على البطالة من حيث أنها إجبارية أو اختيارية، ثم عرضنا لأسباب كل منهما.
ثم تناولنا آثار البطالة على المستويات: النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما بين خطورتها.
ثم رأينا كيف قدر الإسلام أهمية العمل، وعدّه عبادة، وحث المسلمين عليها، والحق أن العمل يمثل جانباً مهماً في حياة الإنسان، "فهناك حاجة بيولوجية من الإنسان لممارسة النشاط، وإحباط هذه الحاجة يحدث اضطراباً داخلياً فيه ويجلب الملل، ويولد النفور وقد يؤدي إلى المرض العقلي" . كما نفر من البطالة ونفّر منها، واعتبرها منقصة لكرامة الإنسان.
وقد جاء الإسلام في معالجته لمشكلة البطالة بحلول هو فيها نسج وحده، تميزاً عن حلول الأنظمة الاقتصادية الأخرى، "والإسلام يسير في "سياسة المال" على هدى نظريته العامة، وفكرته الشاملة، يلاحظ أولاً في هذه السياسة – سياسة المال – تحقيق معنى العبودية لله وحده، بأن يخضع تداول المال لشرع الله. وهذا الشرع يحقق مصلحة الفرد ويحقق مصلحة الجماعة، ويقف بين ذلك قواماً لا يضار الفرد ولا يضار الجماعة، ولا يقف في وجه الفطرة، ولا يعوق سنن الحياة الأصلية، وغاياتها العليا البعيدة" .
فقد جعل مهمة مكافحة البطالة موكلة إلى الدولة الإسلامية، باعتبارها المسئولة عن الرعية، فعليها إرشاد الناس إلى ما يصلح معاشهم، وإن عجزوا فعليها توفير فرص العمل بأشكال مختلفة، منها القروض ومنها العطايا، مثل الإقطاع، ومنها الحق في التحجير لإحياء موات الأرض.
عجّل الله في وحدة المسلمين تحت لواء دولة إسلامية واحدة، يرفع الله بها عنّا ما نحن فيه.

وآخِرُ دَعْوانا أَن الحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِين

الاسلام وخطوات علاج البطالة

خلق الله الإنسان وكرَّمه وأحسن خلقه، وأمده بالعقل، ليستعين به في البحث عن الطرق المشروعة التي يحصل من خلالها على رزقه، إلا أن هناك بعض الفترات التي لا يستطيع بعض الناس -وبصفة خاصة الشباب- أن يجدوا عملاً يتكسبون منه؛ فيتعرضون لما يسمى بظاهرة البطالة.
- صور البطالة:
للبطالة صوٌر عديدة، فمنها:
- البطالة الصريحة: بمعني أن الإنسان لا يجد عملاً يعمله ويكسب قوته منه.
- البطالة المقنعة: وهي عبارة عن وجود عدد كبير من الموظفين والعاملين في مؤسسات الدولة بصورة تزيد عن حاجة هذه المؤسسات إلى هذا الكم الهائل من الموظفين، ومن ثم نجد كثيرًا منهم ليس له عمل ولا يترتب على وجوده زيادة إنتاج.
- البطالة النسبية: وهي صورة من صور البطالة المقنعة، ولكنها أخف حدة منها، حيث يعمل الإنسان في مكان ولكن إنتاجه يقل بكثير عن حاجة العمل، فالعمل الذي يقوم به خمسة عمال يقوم به عشرة أو عشرون، أي أن حجم العمالة يزيد عن حاجة العمل .
وقد تمتد البطالة لفترات طويلة، وقد تكون في فترات زمنية محددة، وقد تكون مستترة يزيد فيها حجم العمالة عن حاجة العمل، وقد تكون ناشئة في بعض الأحيان عن امتناع الشباب عن العمل نتيجة عدم تعودهم عليه.
البطالة من منظور إسلامي:
وإذا تأملنا ديننا الحنيف نجد أنه لم يدع المسلم يعاني من ويلات البطالة، فالمسلم وقته ثمين، يقضيه إما في عمل أو عبادة أو ترويح عن النفس، فلا وقت للضياع أو للانحراف. لذلك فالبطالة من المنظور الإسلامي هي: ألا يجد الإنسان عملاً يكتسب منه ما يكفي حاجته وحاجة أسرته، أما إذا كان الإنسان يعمل عملا يسد من خلاله حاجة من يعولهم، وكان هذا العمل يستغرق ساعة أو ساعتين من يومه فلا يعد في بطالة، ولو ظل باقي يومه بلا عمل. فالإسلام يشغل الإنسان بكثير من المتطلبات الأخرى في يومه: كالصلاة، والذِّكر، وسائر العبادات.
ولقد عانى الغرب ومازال من انتشار الانحراف وزيادة الجرائم، وكثرة إدمان الخمور والمخدرات في أوساط الشباب. والبطالة هي إحدى أسباب وجود هذه الأمراض الاجتماعية.
نتائج البطالة:
وقد نتج عن البطالة العديد من الآثار الضارة:
فمن الناحية الاقتصادية: خسرت الدول جزءًا هامًا من ثرواتها نتيجة عدم استغلال طاقات الشباب.
ومن الناحية الاجتماعية: انقسم المجتمع إلى أغنياء يزدادون غنى وإلى متعطلين فقراء يزدادون فقرًا، فثارت الأحقاد، وانتشرت الجرائم.
ومن الناحية النفسية: فقد الشباب الثقة في أنفسهم وقدراتهم، فانعزلوا عن المجتمع، ولم يجدوا طريقًا إلا الاكتئاب أو الانحراف.
- العمل عبادة:
والمجتمعات الإسلامية -حاليًّا- جميعها تعاني من البطالة، بأنواعها وصورها المختلفة، فذلك يرجع إلى عدم أخذهم بتعالىم الإسلام في هذا المجال.
فلقد علمنا ديننا الحنيف أن العمل عبادة يبتغي المسلم من ورائها رضا الله، والمتأمل في سيرة الأنبياء والرسل يجد أنهم مع ما يشغلهم من أمر الرسالة والدعوة إلى الله كانوا أصحاب مهن، فاحترف آدم -عليه السلام- الزراعة، واحترف نوح -عليه السلام- النجارة، واحترف داود -عليه السلام- الحدادة، واحترف محمد ( التجارة، وكلهم رعي الغنم.
كذلك كان أصحاب رسول الله ( أصحاب مهن؛ فكان خباب بن الأرت حدادًا، وكان عبد الرحمن بن عوف تاجرًا.
الرسول ( يعالج البطالة:
جاء رجل من الأنصار إلى النبي ( يسأله (يطلب منه مالاً) فقال ( (أما في بيتك شيء؟) قال: بلى، حلس (كساء) نلبس بعضه، ونبسط بعضه، وقعب (كوب) نشرب فيه الماء. قال (: (ائتني به). فأتاه بهما. فأخذهما رسول الله ( بيده، وقال: (من يشتري هذين؟) قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال (: (من يزيد على درهم ؟) -مرتين أو ثلاثة -قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين.
فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري، وقال: (اشترِ بأحدهما طعامًا فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدومًا فأتني به). فأتاه به، فشد فيه رسول الله ( عودًا بيده، ثم قال له: (اذهب فاحتطب وبع، ولا أرينك خمسة عشر يومًا) فذهب الرجل يحتطب ثم يبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا وببعضها طعامًا، فقال رسول الله (: (هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع) [أبو داود].
خطوات العلاج:
لقد حدد النبي ( هذه المشكلة من خلال هذا الموقف العملي الذي يمكن أن نحدد من خلاله خطوات العلاج فيما يلي:
-* على كل إنسان أن يجتهد ما استطاع في البحث عن عمل يفي بحاجاته وحاجة من يعولهم.
-* يرفع المتعطل شكواه إلى ولي الأمر إذا لم يوفق في البحث عن عمل.
-* توجه الدولة العامل لعمل يناسبه ويلائم حاجات المجتمع.
-* تزود الدولة العامل بآلة العمل.
-* تحريم السؤال (التسول) إلا في حالات نادرة جدًا، منها الفقر الشديد مع عدم القدرة على العمل.
-* بيان فضل العمل وقيمته وأثره في المجتمع مهما كانت صورة هذا العمل. هكذا نرى عظمة ديننا في اهتمامه بالإنسان وصونه لكرامته، وإيجاد السبل التي تكفل له حياة كريمة، حيث لا فراغ ولا بطالة

البطالة أزمة اقتصادية أم أزمة مجتمع وماهى الأسباب والعلاج لكى نقضى على هذة المشكلة

تعريف البطالة :

هى مجموع القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه ويقبلوا الأجر السائد ولكن دون جدوى وهى تعنى الحرمان والجوع والجريمة والتسول والتطرف و تعنى عدم استقرار النظم السياسية والاجتماعية و تعنى زيادة المرض وزيادة الوفيات وهى أزمة عالمية لأنه يوجد فى العالم مليار شخص دون عمل أى ما يوازى 30% من القوة العمل .
وهى إهدار لطاقات المجتمع بحرمان المجتمع من جهد أبنائه وخسارة ما صرفه المجتمع على تعليمهم (70% من خرجي الجامعات والمدارس الثانوية بلا عمل ) .

أنها أزمة صعبة ومعقده فى أن واحد بسب الجذور العميقة التى أنبتت هذه الأزمة  والمتمثلة فى ( التخلف الاقتصادى – ضعف موقعنا فى الاقتصاد العالمى – فشل جهود التنمية – أزمة المديونية الخارجية – الانصياع لبرامج الانكماش التى تمليها علبنا الدولة المانحة ) و يعتبر الاقتصاديون أن حد الأمان لمشكلة البطالة هو 4% من قوة العمل و أن حد الكارثة هو أن يعطل واحد من كل 6 عمال والنسبة المعتمدة فى بلدنا هى 17.5% إلى 20%……!!!!

ويزيد من خطورة المشكلة :

1 -  50% من السكان يعيشون قريبا من خط الفقر (دخل الأسرة حوالى 50 دولار فى الشهر ) ويدخل سوق العمل نصف مليون شاب وشابة سنويا يبحثون عن عمل فى الوقت الذى يصل فيه معدل البطالة 50 % و20% فى المدن .

2 - انسحاب القطاع العام من عملية التوظيف بينما كان فى الماضى يوفر واحدة من كل أربع فرص أصبح الآن يزيد حجم المشكلة بسبب اتجاهه لإحالة العمال إلى المعاش المبكر وتوقفه عن تعيين عماله جديدة .

3 - هناك فقر شديد فى الفكر الاقتصادى الراهن لفهم المشكلة وسبل الخروج منها بل إن هناك تيار فكر ينادى بان المشكلة تخص ضحاياها و أن العاطلين عن العمل هم الذين فشلوا فى التكيف مع سوق العمل .

4 - استحالة تامين المورد الكافية للإنفاق على العاطلين دون الإضرار بأوضاع  التطور الاقتصادى .

5 - ترجع دور الدولة فى المجالين الاقتصادى و الاجتماعى الأفكار التى تعطى الأولوية  لربحية رأس المال متجاهلة البعدين الاجتماعى والانسانى .

6 - ترجع العنصر الإنسانى فى العمل بنسبة 35 % بسبب التكنولوجيا فأصبحت هناك وظائف فقط لأقلية ذات خبرة و كفاءة ومعرفة .

7 -  انهيار صنعة الغزل والنسيج التى تستوعب 33 % من حجم العمالة .

الاسباب وراء البطالة :
1 - سياسة الخصخصة التى أدت إلى نقل ملكية كثير من المشروعات والمؤسسات الحكومية إلى القطاع الخاص (التليفونات – النقل – خدمات – الصحة والنظافة ) حيث إلى سعى الملاك الجدد من أجل تعظيم ربحيتهم إلى تسريح أعداد هائلة من العمال و استعمال الآلة مكانهم .

2 - تضارب السياسات النقدية والحوافز المقدمة للاستثمار يؤثر تأثيرا بالغا  على الصادرات التى تدنت بشكل كبير ويقلل فرص فتح آفاق جديدة للإنتاج الذى يستوعب أعداد إضافية من العمالة .

3 - اهتزاز الأداء الاقتصادى للدولة ما يبن الرواج والكساد لعدم القدرة على الشراء من المواطنين  وتناقص القوة الشرائية تعنى هبوط الإنتاج و تزايد المخزون و انخفاض الطلب على العمالة .

4 - تفاهم ظاهرة الدين الخارجى و نمو فاحش فى أعباء خدمة الدين و ارتفاع التضخم و انسداد فرص العمل و الوقوع فى براثن الدولة المانحة التى أوصت بسياسات انكماشية ( زيادة سعر الفائدة – تحرير الجنيه – إلغاء الدعم – بيع الشركات – زيادة أسعار الطاقة و الخدمات – زيادة الضرائب غير المباشرة – تسريح العمالة ) .

5 -  ضعف سيطرة الحكومة على القرار الاقتصادى بسبب التدخل القوى للدول المانحة و تداعيات العولمة و الجات و تكتل الدول الصناعية العالمية فى مواجهة الدول .

كيفية حل مشكلة البطالة :

1 - حفز قوى التنمية فى المجتمع .

2 - تنظيم عمليات العرض و الطلب على العمالة و تحقيق توازن بينهما مما يتطلب ضرورة زيادة الاستثمارات لاستيعاب اكبر عدد من العمالة .

3 - عودة دولة الرعاية الحماية و تقوية دور الدولة فى مراجعة الأجور و الأسعار و تأكيد سلطاتها فى إصدار القوانين التى تنظم عمل السوق و التدخل بقوة فى النشاط الاقتصادى .

4 - إرجاء برنامج الخصخصة و بيع الشركات .

5 - التنسيق مع النقابات و البنوك و إقامة مشروعات كبيرة لا تعتمد على التكنولوجيا و التوسع فى برنامج التدريب فى مجال المهن اليدوية و نصف الماهرة .

6 - إصلاح و إعادة هيكلة قطاع الغزل و النسيج و ضم استثمارات فى هذا القطاع لإنعاشه و الاستفادة منه للحد من مشكلة البطالة .

7 - بدون إصلاح حقيقى للتعليم لن نحسن أى صناعة كبيرة كانت أو صغيرة و لا بد من أن يتم إعادة النظر فى مكونات سياسة التعليم و التدريب .

8 - علينا البدء فى إيجاد حلول فى مجال الزراعة و المصايد و استصلاح الأراضى و الصناعات الغذائية و التكامل مع دول الجوار مثل السودان .

9 - يجب التوقف فورا عن سياسة مد الخدمة للموظفين و المستشارين بالحكومة لإتاحة المجال للشباب .

10 - تشجيع هجرة الأيدى العاملة مع عمل الاتفاقيات و وضع القوانين للحفاظ على حقوق العمال فى الخارج و نشر الوعى الثقافى لدى العمال مع الضمانات القانونية لضمان أموال المصريين بالخارج مع التمسك بدور الدولة فى أنها الراعى الحقيقى و الوحيد لسلامة و حقوق المصريين العاملين بالخارج

من اكبر أسباب البطالة في الوطن العربي

-واحد/ عدم كفاية عناصر الانتاج المكملة لعنصر العمل في العملية الانتاجية ..
"كالأرض ورأس المال والتنظيم"..
التي بتكاملها يمكن أن تتحقق وتستمر العملية الانتاجية..
مما يتعذر معه توفير فرص العمل المنتج للطاقة البشرية الفائضة عن العمل..

اتنين- تعذر وجود فرص العمل البديلة خارج القطاع الزراعي..
وخصوصاً بالنسبة للقطاع الصناعي الذي استبدل العمل الآلي محل العمل اليدوي..
إضافة لحاجة القطاع التجاري لرأس المال النادر..
ناهيك عن أن القطاعات الانتاجية عموماً في البلدان العربية تتصف بمحدوديتها وبطء نموها..
مما ينتج عنه ضعف قدرتها على أستيعاب فائض العمالة الذي يكون مضطراً إلى اللجوء ..
إلى القطاع الزراعي أو بعض النشاطات الخدمية..

ثلاثة- ارتفاع معدل نمو السكان خلال فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات..
مما أدى إلى ظهور عدد من الشباب الذين يبحثون عن العمل بحيث بلغ معدل نمو القوة العاملة 3,3% في السنة..

اربعة- ندرة الأيدي العاملة الماهرة والكفوءة..
مما تعذر معه استبدال مثل هذا النوع من العمل محل العمل غير الكفوء..
مما ادى إلى ارتفاع كثافة العمل غير الماهر وسيادته في وحدات الانتاج ومن ثم ظهور البطالة المقنعة..

خمسة- الاعتماد على الهجرة كمصدر رئيس لتوليد العمالة ..
من جانب البلدان المصدرة لليد العاملة وكمحرك لبناء الهياكل الاساسية ..
من جانب البلدان المستوردة لليد العاملة. وعندما انتفت الحاجة لاستيراد العمالة..
وحلول الآلة محل اليد العاملة شاعت البطالة في البلدان المصدرة والمستوردة..

ستة- تعاني بعض المجتمعات العربية من نظرة الازدراء والتعالي للعاملين في القطاع الزراعي..
مما اضطر الفلاحين وخصوصاً الشباب منهم إلى ترك العمل بالأرض والهجرة إلى المدينة..
بحثاً عن العمل مما شكل زخماً في عرض قوة العمل وبالتالي زيادة نسبة البطالة في المدن..

سبعة- عجز الموازنات العربية عن تمويل مشاريع استصلاح الأراضي الزراعية ..
واعادة تأهيل الريف أجبر العاملين في القطاع الزراعي على التوقف عن العمل ..
واتجاه البعض الآخر نحو الأعمال الخدمية التي تتصف بضعف قابليتها على تلبية متطلبات الأسرة..

ثمانية- سيادة بعض القيم والتقاليد الاجتماعية التي تؤثر في اتساع ظاهرة البطالة ..
وخاصة في المجتمعات الغنية والطبقات الارستقراطية التي تحتقر العمل..
وتؤثر أن يشب ابنائهم متسكعين وعاطلين عن العمل بدلاً من أن يعملوا بأيديهم..
ناهيك عن النظرة المتعصبة لعمل المرأة حيث تعاني المرأة العربية في بعض المجتمعات المتخلفة ..
من منعها من ممارسة حقها في العمل..

تسعة- عانت بعض البلدان العربية من الاثار المباشرة وغير المباشرة للحروب والمشاكل السياسية..
وخاصة خلال العقود المنصرمة..
فعملت أغلب تلك البلدان إلى زيادة حصة الانفاق العسكري على حساب الانفاق الاستثماري ..
مما شكل عوزاً كبيراً في حاجة تلك البلدان إلى المشاريع الاستثمارية التي تستقطب الزيادة الحاصلة ..
في الأيدي العاملة وخاصة بين فئة الخريجين الجدد فتفاقمت ظاهرة البطالة نتيجة لذلك..

عشرة- هيمنة القطاع العام على الأنشطة الاقتصادية وتوليد العمالة مع تقديم أجور مرتفعة..
وظهر القطاع الخاص تدريجياً في دور القطاع الذي يخدم القطاع العام، وبالتالي واجه تصلبات هيكلية ..
في نموه كقطاع مستقل عندما انخفضت قدرة القطاع العام على توليد مزيد من الوظائف..

احدى عشر- تتسم طبيعة العمل في القطاع الزراعي بالفجائية والتباين الزمني بين مراحل عملية الانتاج..
مما يتسبب في شيوع ظاهرة البطالة المقنعة..
إذ أن التنبوء بالمستقبل من تغيرات فجائية غير متوقعة في العمل الزراعي..
يتطلب الاحتفاظ بجزء من القوة العاملة كأحتياطي لمواجهة مثل هذه التغيرات..
وكذلك فأن التباين الزمني بين مراحل الزراعة ابتداءاً من تحضير الأرض حتى الحصاد ..
واختلاف هذه المراحل من حيث حاجتها لكمية العمل يستدعي أيضاً الاحتفاظ ..
بجزء معطل من القوة العاملة لحين نشوء الطلب عليه وقت حلول العملية الزراعية التي تحتاجه..

اثنى عشر- تواجه البلدان العربية شيوع ظاهرة البطالة الموسمية وبصفة سنوية..
حيث تظهر كنتيجة لموسمية العمل في بعض النشاطات الاقتصادية..
كالقطاع الزراعي بسبب الطبيعة الموسمية للانتاج الزراعي..
وعدم استخدام الأرض لفترات طويلة من السنة..
كما أنها توجد في بعض الصناعات المحلية كصناعة المثلجات وغيرها..
ويكون أثر ذلك النوع من البطالة أكثر حدة في البلدان النامية عموماً ..
بسبب عدم تنوع الانتاج والقصور في تنوع مصادر الدخل بالنسبة للعاملين في تلك الانشطة..

ثلاثة عشر- ينسجم عن حالة عدم كفاية الطلب الكلي الفعال حدوث تقلبات وأزمات دورية ..
تؤثر بدورها على مستوى استخدام الأيدي العاملة فيضطر المنتجون..
إلى تسريع أعداد غير قليلة من العمال بسبب هبوط مستوى الارباح..
وتسمى هذه الحالة بالبطالة الدورية ..

ارعة عشر- كان من الآثار السلبية التي نتجت عن كثرة الحروب والمنازعات او حالة عدم الاستقرار الاقتصادي ..
زيادة عدد السكان المهاجرين للبلدان العربية الاخرى وخاصة لدول الخليج وسوريا والاردن ومصر ..
بحثاً عن الاستقرار والأمان النفسي والاجتماعي والاقتصادي ..
فأدت تلك الهجرة إلى زيادة مستوى عرض قوة العمل ..
في اسواق تلك الدول وخاصة في قطاع الخدمات فشاعت ظاهرة البطالة فيها ..

خمسة عشر- انخفاض اسعار النفط في أواسط الثمانينات وما نتج عنه من انخفاض الطلب..
على العمالة من البلدان العربية المصدرة لليد العاملة ..
مما أدى إلى خلل في اسواق العمل فيها..

السادسة عشر- أن الكثير من البلدان العربية لا تضع التعليم ..
واحتياجات اسواق العمل ضمن علاقة ارتباط ملائمة..
وهناك الكثير من المؤشرات التي توضح أن المردود الاجتماعي والاقتصادي للتعليم ..
منخفض جداً في البلدان العربية وبشكل خاص بالنسبة للأسر الفقيرة..
وقد أظهرت دراسة في مصر ان معدلات البطالة تصل إلى أعلى درجة بين الحاصلين على شهادات ثانوية..
ويليهم الحاصلون على شهادات جامعية بينما تبلغ أدناها بين غير المتعلمين والحاصلين على شهادات عليا

مشكلة البطالة فى مصر وكيفية حلها

وقد بدأت مشكلة البطالة فى الظهور بعد قيام ثورة 23 يوليو وإعلان النظام الجمهورى فى مصر عام 1952، والتى كان لها مالها من إنجازات، وعليها ما عليها من إخفاقات، وقد كان من أهم إخفاقات تلك الثورة، محاولة كسب زعامة جماهيرية بالتضحية بنظم التعليم الراسخة القديمة مثل إعلان مجانية التعليم مجانية مطلقة بصرف النظر عن مسألة الجودة والتميز كشرط من شروط مجانية التعليم للمتميزين، وقد تسبب هذا الإجراء فى تطلع جميع طبقات المجتمع المصرى، والإسراع فى حصول أبنائه على المؤهلات العلمية العليا لاحتلال المراكز الوظيفية المرموقة، ونبذ التدريب على المهن الفنية وغير الفنية المختلفة التى يحتاجها المجتمع المصرى لاستكمال بنيانه الاجتماعى والثقافى والحضاري، حتى يواكب المجتمعات الأخرى المماثلة ويتفوق عليها كما كانت عادته قبل ذلك ويحافظ قوة بنائه، وإذا نظرنا إلى اندفاع الغالبية العظمى من الشعب المصرى إلى تعليم أبنائها تعليما جامعيا سعيا للتميز للوصول بهم إلى المراكز المرموقة فى المجتمع فقط، وبالأخذ فى الاعتبار لعنصر ثقافة المجتمع المصرى فى تحدى الصعاب والرغبة فى التميز، دون الأخذ فى الاعتبار تفاعل عنصرى العرض والطلب على سوق المؤهلات الجامعية فى المدة الطويلة، فقد حدثت كارثة الوفرة فوق اللازمة فى طلب التعليم العالى أو المؤهلات العليا أو صكوك الحصول على مؤهلات عليا دون تمييز، فارتفع عدد الطلبة فى الجامعات بشكل لا يسمح لأى أسرة إلا أن تسعى لنفس الاتجاه فى طلب صك لابنها بصرف النظر عن تخصصه، وطلب السوق فى المدة القصيرة والمدة الطويلة لهذا التخصص، وفقدت الصكوك التى يحملونها أهميتها.ومن أسباب ذلك، أن الوفرة فى طلب صكوك التعلم الزائفة فى معظمها، "المؤهلات العليا"، أدت إلى إهمال الكيف والاهتمام بالكم فى تخريج حملة صكوك التعلم والتوظيف، فشاعت فوضى التعليم الحقيقى ولم يعد هناك إلا الاهتمام بالحصول على صك التعيين الذى أصبح بعد ذلك عبئاً على حامله لما يتطلبه من مظهر يجبره على سلوكيات هو أصلاً لا يملك توفير تكلفة مظاهرها، وتضع عليه قيداً أدبياً اجتماعياً مصرياً، فى التدريب على مهنة أقل قيمة فى نظر المجتمع المصرى، باعتبار أن قيمة الفرد تعتمد على قيمة ما يحمل من صكوك التعيين فى الوظائف الهامة، وهى مع الأسف ثقافة الدول المتخلفة، حيث إن ثقافة الدول المتقدمة تفصل بين الشهادات العلمية والمهن الحرفية، فقد نجد سباكاً يحمل مؤهلاً علمياً بارزا، أو نجاراً يحمل مؤهلا عالياً ولكنه لم يجد مجال عمله فى ما يحمله من مؤهلات.واستمر الحال على هذا المنوال حتى يومنا هذا، فمع الأسف، مازالت سياسة ترميم نظام التعليم تخضع لأفكار متعددة تفسد التعليم أكثر من أن ترممه، نتيجة التخلف الإدارى الذى يتمتع به الروتين الذى يتبعه المسئولون الإصلاحيون الذين يزيدون الطين بله، عندما يتولون قيادة قطاع التعليم، ويصرون على تطبيق نظرياتهم الفاشلة فى ترميم التعليم خوفاً من الفئات المستفيدة من التعليم المجانى، أو الصكوك المجانية عديمة القيمة الحقيقية.وبمرور أكثر من خمسين عاما على مصر فى حظها العافر بالنسبة للتعليم، ونتيجة عدم الاهتمام بالإصلاح الحقيقى للتعليم، كان النظام الاقتصادى يسير فى تلك الفترة، من ضعف إلى أضعف نتيجة عدم إضافة مهنيين جدد بدلاً من هؤلاء الذين يختفون إما بالموت أو بالهجرة إلى دول العالم التى يمكنها توفير حياة أكثر رفاهية وفقاً لخبراتهم، وأصبح السوق المصرى يتضمن جهلة مهن وحرف فنية بدلاً من خبرات عالية، كانت تضارع بل تتغلب على الخبرات الأوربية.وكان هذا أحد سلبيات الثورة المصرية التى قامت سنة 1952، إضافة إلى التأثير السلبى على الحضارة والقيم الديمقراطية والأخلاقية الروحية المصرية واستبدالها، ونجحت الثورة بامتياز فى أن تلهث جميع طبقات الشعب المصرى، خلف تخريج شبابها حاملا شهادات تعقيدية، تدفع هؤلاء الشباب إلى المطالبة بمواقع عمل تناسب تلك الشهادات نظرياً، ولكنها لا تصلح عملياً إلا لتعليقها على الحوائط فقط، مما ضاعف الاحتقان فى نفوس المجتمع، مع انتشار البطالة ووجود وظائف شاغرة لا تجد من له مهارة شغلها.ومن أسباب أزمة البطالة أنه بعد أن كان الاقتصاد المصرى يدار بنجاح عندما كان تعداد السكان 14 مليونا أو عشرين مليون نسمة، يقوم بالإنتاج منهم حوالى 50%، أى حوالى عشرة ملايين فرد، أصبح تعداد السكان حوالى 80 مليون نسمة، مع عدم وجود أيدى عاملة وصالحة للعمل والإنتاج وكافية لإنتاج مايكفى استهلاك 80 مليون نسمة، وبالتالى فقد ارتفعت تكلفة المجتمع والخدمات المطلوبة لمعيشته، واتسعت الفجوة بين المتاح والمطلوب لتنفيذ خطط تنمية حقيقية إصلاحية.وبكلمات أخرى، يتركز سبب البطالة الرئيسى قبل الأزمة المالية العالمية الحالية فى أن جميع الخريجين بلا استثناء لم يتدربوا على أى مهارات شخصية مهنية أو علمية ترتبط وتتناسب مع احتياجات سوق العمل ولا حتى تتناسب مع ما يحملونه من صكوك تعيين فى مصر. ولم يجن الشباب من حملة الشهادات العليا غير الحسرة على وقت الدراسة والعمل من أجل الحصول على تلك الشهادات، وقد أهملت الحكومات المصرية المتعدد المتتالية، التخطيط والتدريب العلمى والعملى السليم وفقا للاحتياجات الفعلية لسوق العمل فى مصر.فالثقافة المصرية ومجانية التعليم مع إفقار المجتمع تسببت فى دفع الغالبية العظمى من الأسر والعائلات على الإصرار على تعليم أبنائهم تعليما جامعيا، وترتب على هذا وفرة فى الخريجين.وبالرغم من أن الإنسان المصرى مشهود له بالذكاء الفطرى، مع الوفرة العددية المطردة فى التعداد السكاني، الذى يمثل ميزة نسبية للاقتصاد المصرى كعنصر أساسى من عناصر الإنتاج، مع توفر عناصر الإنتاج الأخرى من مواد أولية وثروات طبيعية، فإن الإنسان المصرى تحول إلى عيب نسبى يستهلك ولا ينتج، نتيجة عدم توفر الخطط المركزية اللازمة لاستغلال طاقاته كعنصر هام من عناصر الإنتاج له ميزة اقتصادية نسبية. أدى سوء التخطيط المركزى، وعدم تفرغ القيادة المصرية لتنمية الاقتصاد المصرى نتيجة كثرة الحروب والصراعات المصرية الإسرائيلية فى سبيل القضية الفلسطينية، والبحث عن زعامة مصرية لما سمى وهماً بالعالم العربى، إلى استنفاذ ثروات مصر وإفقار المجتمع المصرى لدرجة أن تحول الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد طارد للمهارات، والأخلاق والقيم، نتيجة الفقر المتزايد للمجتمع المصرى، فهاجرت الأيدى العاملة المدربة إلى بعض الدول العربية التى استفادت من مشاكل مصر وتحولت إلى دول غنية، وإلى دول أوروبية وأمريكا الشمالية، وحرمت مصر من مهارات وخبرات أبنائها، مما تسبب فى عدم وجود كوادر مدربة لتدريب متدربين جدد فى المهن المختلفة لتنمية الاقتصاد المصرى الذى تحول إلى اقتصاد ضعيف بالمقارنة لاقتصاديات دول مثل الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا.إذاً ما هى الحلول الممكنة، ببساطة شديدة جداً يجب أن نطبق نماذج ناجحة فى دول ناجحة أخرى، مثل النماذج المطبقة بالولايات المتحدة أو تلك الموجودة فى الصين، والتى تتناسب مع إمكانية تطبيقها بنجاح فى مصر، فيطبق نظام التدريب الشامل، والجودة الشاملة، حيث تنتشر مراكز التدريب فى جميع الجامعات، وفى مراكز التدريب المختلفة، لتدريب من يرغب على مهارات المهن المختلفة المطلوبة للمجتمع مثل النجارة والسباكة والحدادة والكمبيوتر.. إلخ، ويمنح المتدرب فى نهاية تدريبه شهادة بانتهاء تدريبه، تعطيه الحق فى ممارسة المهنة التى تدرب عليها، إما فى الوظائف المختلفة أو فى فتح أنشطة خاصة بالمتدربين يمكنه استخدامها، على أنه لا يسمح لأى مواطن بالقيام بأى عمل فنى أو مهنى لدى الغير، أو إنشاء نشاط اقتصادى فنى خاص به بدون الحصول على تلك الشهادة، ولا يجوز لأى شخص لا يحمل شهادة التدريب المذكورة بالعمل كمحترف فى أى مهنة، ومدة التدريب حوالى ستة أشهر وتختلف من مهنة إلى أخرى.وتقوم الجهات المعنية بتحديد المهن المطلوب متدربين لها وتوجه الشباب للمهن المطلوبة.ويتم تحديد مراكز التدريب والمهن الممكن التدريب عليها بتسهيلات تتفق مع أهمية كل مهنة واحتياج سوق العمل إليها، بالإضافة إلى وجود سجلات لدى الجهة المسئولة عن هذه العملية تبين الشركات والمؤسسات التى تطلب وتحتاج إلى مهارات خاصة وفقاً لخطط الإصلاح الاقتصادى، والمشروعات الاقتصادية المطلوب تشجيعها لتطوير الاقتصاد، وشركات المالطى ناشيونال Multinational التى تعمل أو تخطط أن تعمل فى مصر. ويؤخذ فى الحسبان نشاط الهيئة العامة للاستثمار حالياً لتشجيع رأس المال الأجنبى المباشر على الاستثمار فى مصر، لإيجاد فرص العمل اللازمة مثل ما يحدث فى دول شرق آسيا والهند والصين، مع العلم أنه وفقا لنظرية ريكاردو فإن مصر تتمتع بمجموعة من الميزات النسبية فى وفرة الخامات والثروات المعدنية والأيدى العاملة الرخيصة نسبياً، وتعتبر فرص الاستثمار فى مصر أعلى من تلك الفرص المتوافرة فى الصين ودول شرق آسيا، حيث تتوفر العوامل المشجعة على جذب رأس المال الأجنبى المباشر، وأهمها أن العائد على الاستثمار فى مصر أكبر منه فى أى دولة أخرى نظراً للعوامل الآتية: 1- توفر الأراضى المطلوبة للمشروعات الصناعية والخدمية المختلفة بتكاليف رمزية نسبياً تجعلها فى مقدمة الدول الواجب الاستثمار فيها.2- توفر الأيدى العاملة الرخيصة التى تقل تكلفتها عن الأيدى العاملة فى الصين والهند ودول شرق آسيا حالياً.3- موقع مصر الجغرافى فى القلب من القارات الثلاث، أفريقيا وأوروبا وآسيا، علماً بأن السوق المصرى نتيجة الكثافة السكانية، والأسواق الأوروبية تعتبر الهدف الرئيسى للشركات وتلك التى ترغب فى الاستثمار، وهذا العنصر يمثل ميزة نسبية لمصر، نتيجة لانخفاض تكلفة النقل من مصر عنه فى دول شرق آسيا، وقرب المسافة بين مصر والدول الأوروبية، حيث تصل الشحنات بين مصر وأوروبا فى فترات تتراوح بين 48 ساعة وأربعة أيام، عن طريق البحر وأربعة ساعات على الأكثر عن طريق الجو.4- توفر التمويل المساعد من البنوك وشركات التمويل المصرية مع انخفاض تكلفته بشرط توفر المشروعات الجادة التى تشجع بيوت التمويل المصرية على تمويلها.5- كما قدمت الهيئة العامة للاستثمار تسهيلات أخرى للمستثمرين تتمثل فى إمكان قيامها بخلق فرص وتشجيع رأس المال المصرى الراغب فى الاستثمار الخارجى فى دول أخرى خارج مصر، فى إيجاد الطرف الآخر فى تلك الدول والمشروعات الممكن الاستثمار فيها.6- وأيضاً وجود المشروعات المصرية المناسبة للاستثمار فيها وإيجاد الشريك الأجنبى المناسب للمساهمة فى تلك المشروعات.كل هذه العوامل تشجع على إعادة، تطوير الاقتصاد المصرى بحيث يتعافى، وتعود مصر العزيزة إلى احتلال موقعها الريادى الاقتصادى فى المنطقة والذى فقدته، نتيجة بعدها عدة عقود عن الاهتمام بشئونها الداخلية ومتابعة مصالح الفرد المصرى والشعب المصرى ككل

موضوع شامل ومتكامل عن البطالة

البطالة  على انها ظاهرة اجتماعية اقتصادية (Phenomenon Socio- Economic) وجدت مع وجود الإنسان وخاصة في المجتمعات الحديثة، وأغلب التوقعات تشير إلى أنها ستظل باقية ببقائه على وجه الأرض. بل والأدهى من هذا هو أنها – في رأي كوكبة كبيرة من الاقتصاديين والاجتماعيين – تتفاقم على مر الزمن وخاصة في ظروف الدول النامية (التي مازال الوطن العربي كله يقع في دائرتها).


وفي صفحات من كتاب(علاقة البطالة بالجريمة والانحراف في الوطن العربي)، يذكر غنطوس وعلى سبيل المثال أنه من السبعينات من القرن الحالي برزت مشكلة التعطل عن العمل بالدول العربية (غير النفطية بالذات)، حيث قدر حجم البطالة في تلك الحقبة بما معدله 5 – 6% من إجمالي القوة العاملة، مع وجود بطالة مقنعة تزيد المشكلة تعقيداً.


ويذكر غنيمي أنه حيثما وجدت إحصاءات عن البطالة فإنها تؤكد حقيقة انتشارها على نطاق واسع بالدول العربية، فضلاً عن اتجاه معدلاتها إلى الزيادة... ويضيف أننا لا نميل إلى الاعتقاد بوجود فائض كبير في القوى العاملة تتجاوز معدلات الاستيعاب في مختلف القطاعات الاقتصادية في الوقت الحالي فقط، وإنما أيضاً استمرار هذا الاتجاه في المستقبل.


والبطالة أيضاً موجود اجتماعي لا يخلو منه حديثاً مكان أو زمان، كما أنها مشكلة تعاني منها جل المجتمعات متقدمة ونامية.


إن حجم البطالة على مستوى العالم – كما ينقل الوهيب عن أحد خبراء الاقتصاد العالميين (مايك كاري) في تزايد، حيث يوجد 35 مليون عاطل عن العمل بالدول الصناعية... فالمشكلة – كما يضيف – مشكلة عالمية وليست مشكلة دول عربية أو دول نامية.


صحيح أن المشكلة قد تأخذ شكلاً أو آخر، وتسير في اتجاه الارتفاع أو شبه الثبات أو الانخفاض، إلا أنها تظل بعد كل هذه قائمة رغم تكاتف وكثافة الجهود التي تبذل للقضاء عليها أو على الأقل التخفيف من حدتها وتحجيم معدلات انتشارها.


مفهوم البطالة:


البطالة واحدة من المصطلحات الاجتماعية الاقتصادية المعقدة التي لا تزال تلقى – عند محاولة التعريف بها – الكثير من الخلاف، والى الدرجة التي يمكن معها القول أن تعريفاً جامعاً مانعاً لها من الصعب الوصول إليه.


إن عدم الاتفاق قد أتى أساساً من اختلاف وجهات النظر بين مفكري هذا المجال في أمور كثيرة تتعلق أصلاً بتوجههم نحو مفاهيم أخرى مثل العمالة، والتشغيل، والتشغيل الكامل، والتشغيل الناقص، ومدى التعطل، وأنواع التعطل، وأنواع البطالة، وغير ذلك من المقولات التي تدخل في صلب المشكلة.


وانطلاقاً من هذا، فإن الوصول إلى تعريف متفق عليه للبطالة، كما جاء بدائرة معارف العلوم الاجتماعية امر صعب بعيد المنال، حيث يتوقف التعريف بها على الظروف القائمة في الزمان والمكان المعينين.


وعلى سبيل المثال فإنه في المسح الذي أجري على الأسر في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1974م، أشير إلى المتعطلين بأنهم كل الأفراد الذين يبلغون من العمر أربع عشرة سنة فما فوق، والذين لا يعملون بأجر خارج الأسرة لمدة ساعة واحدة يومياً على الأقل. هذا في الوقت الذي رأت فيه كثير من الدول أنه لا ينبغي لأي فرد أن يعمل إلا إذا بلغ من العمر ستة عشر عاماً فأكثر. وأنه إذا قلت مدة عمله عن ثلاث ساعات يومياً يمكن أن يعتبر الشخص في عداد العاطلين.


على أي حال، البطالة لفظ مقابل للعمالة ومضاد له، والعامل والعاطل يكونان على طرفي نقيض، إن اللفظ، لغة، كما ورد عند ابن منظور، قد أتى من الفعل بطل وبطُل، وله معان كثيرة ومنها أنه يعني التعطل، وأنه يقال بطل الأجير (بالفتح) يبطل بطالة وبطالة / أي تعطل، فهو بطال، وهي في معجم الرائد تدور في نفس الإطار، حيث يذكر أيضاً أنها قد اشتقت من بطل وبطل وبطيل، وتعني عدم توافر العمل للراغبين فيه والقادرين عليه.


واللفط – اصطلاحاً (اقتصادياً) – لم يخرج عن هذا، حيث يذكر الوزان، أنها في القاموس الاقتصادي كلمة تعني الأجير الذي فقد عمله ومصدر رزقه وتعطل عن العمل.


وهذا على أي حال يتمشى مع ما ورد في دائرة المعارف الأمريكية حين أوضحت أن البطالة مصطلح يقصد به حالة عدم الاستخدام الكلي، التي تشير إلى الأشخاص القادرين على العمل، والراغبين فيه، والباحثين عنه، ولكنهم لا يجدونه. ومن هذا المنطلق، فإن البطالة تشمل مجموعات مختلفة من الأفراد، وهم:


- الذين لا يعملون.


- الذين يعملون في مواسم معينة فقط (ولا يعملون في مواسم أخرى).


- الذين يعملون بشكل مؤقت (دون الارتباط بموسم معين).


- العاملون فعلاً، ولكن ذوي إنتاجية منخفضة (البطالة المقنعة).


وإذا كان ما سبق يشير إلى البطالة وإلى التعطل في الوقت نفسه، فإن دائرة المعارف الأمريكية قد نحت نفس النحو، ولكنها فضلت الدخول إلى القضية من باب المتعطل، وذلك حين أوضحت أن المعنى الحرفي للكلمة كان يقصد به في الماضي كل الأشخاص الذين بدون عمل، أما حديثاً، فقد أصبح له معنى أكثر تحديداً، حيث قصد به هؤلاء هم الأشخاص الذين لا يعملون لمدة محددة، وهم قادرون عليه، وراغبون فيه، ويبحثون عنه بجدية.


وبالنظر لما سبق، فإنه يمكن القول إن تعريف البطالة، أو التعطل، المتفق عليه دولياً، والذي يتمشى أيضاً مع توجهات دراستنا الحالية، يستند إلى ثلاثة معايير أساسية ينبغي أن تتوفر في الوقت ذاته لكي يكون الشخص متعطلاً بالفعل، وحسب مجمل التوجهات المرصودة، فإن عبارة (العاطلين عن العمل) ينطبق على كل من هم في سن العمل طبقاً لما هو محدد في الوضع المعين، أي النشطين اقتصادياً، وكانوا ضمن الفئات التالية:


- بدون عمل: أي الذين لا يعملون مقابل أجر أو لحسابهم الخاص.


- متاح للعمل: أي الذين هم في انتظار عمل بأجر، أو العمل لحسابهم الخاص.


- يبحث عن عمل: أي الذين اتخذوا خطوات محددة للبحث عن عمل بأجر أو العمل لحسابهم الخاص.


ثانياً: أنواع البطالة:


يتضح مما سبق أن المحاولات التي تعرضت للتعريف بالبطالة قد اتفقت في الجوهر رغم اختلافها في التفاصيل. إن هذا الخلاف في حد ذاته، وهو ظاهرة صحية أصلاً، قد أتى في أساسه من تباين الآراء حول أنواع البطالة، وتحديد كل مفكر باحث أنواعاً بعينها لها، والنظر إليها بالتالي من زوايا مختلفة انطلقت في العادة من مجموع الظروف التي يتعايش معها. وبوجه عام، فإن صعوبة الالتقاء بين هؤلاء قد أتت من عدة اعتبارات جوهرية، وهي أن البطالة:


- متغيرة ومتجددة على الدوام، بمعنى أنه يمكن أن يضاف إليها ما هو جديد باستمرار.


- متداخلة، ويصعب فض الاشتباك بين عناصرها ومتغيراتها، (كما سيتضح من استعراض أنواعها).


- يصعب قياسها، حيث الاختلاف بين الدول في تعريف العمالة، والبطالة، والعامل والمتعطل، ومدة التعطل، وسن العمل، وغير ذلك من العناصر التي تدخل في تكوين العمالة أو البطالة.


وعلى وجه العموم، فقد تضمنت الأدبيات التي تعاملت مع الموضوع أنواع متعددة من البطالة، وهي: البطالة الدورية، البطالة الموسمية، البطالة الاحتكاكية، البطالة الهيكلية، البطالة الإجبارية، البطالة الاختيارية، البطالة الجزئية، البطالة المقنعة، والبطالة السافرة، ويمكن لأية واحدة منها الدخول في مقولة البطالة (عامة).


1- البطالة الدورية:


البطالة الدورية (Circlical Unemployment) هي البطالة الناجمة عن عدم سير النشاطات الاقتصادية على وتيرة واحدة، أو منتظمة، في الفترات الزمنية المختلفة، بل تنتاب هذه النشاطات فترات صعود وفترات هبوط دورية.


ويطلق على حركة التقلبات الصاعدة والهابطة للنشاط الاقتصادي والتي يتراوح مداها الزمني بين ثلاث وعشر سنوات، مصطلح الدورة الاقتصادية التي لها خاصية التكرار والدورية، وتتكون الدورة الاقتصادية من مرحلتين، ومن نقطتي تحول: المرحلة الأولى هي مرحلة الرواج أو التوسع، يتجه فيها حجم الإنتاج والدخل والتوظيف نحو التزايد، إلى أن يبلغ التوسع منتهاه بالوصول إلى نقطة الذروة أو قمة الرواج، وعندها تبدأ الأزمة في الحدوث وهي نقطة تحول. وبعدها يتجه حجم النشاط القومي الى مرحلة الانكماش، إلى أن يبلغ الهبوط منتهاه بالوصول إلى نقطة قاع الانكماش، وبعدها مباشرة يبدأ – من جديد الانتعاش، وهي نقطة تحول، يتجه بعدها حجم النشاط الاقتصادي نحو التوسع مرة أخرى... وهكذا. وعلى هذا، فإن المتوقع أن يزيد الطلب على العمالة في أوقات الصعود (الرواج)، وأن يقل الطلب في فترات الهبوط والانكماش.


2- البطالة الموسمية:


البطالة الموسمية (Seasocal Unemployment) أو ما يعرف أيضاً بالبطالة المؤقتة (Temporary Unemployment)، وهي ذلك النوع من البطالة التي يكون الأفراد بمقتضاها يعملون فترات ولا يعملون فترات أخرى، وذلك مثلما يحدث في معظم الأرياف العربية، حيث يشتد دوران عجلة العمل في فترات ويهبط في غيرها وقد ينتفي في ثالثة، وكأن يعمل الطلاب في فصل الصيف فقط ولا يعملون في بقية فصول السنة (ولو أن من الطلاب من لا يفترض أن يدخلوا في مرحلة العمالة أساساً). هذا وجدير بالذكر أن هذا النوع من البطالة يتداخل مع ما يعرف بالبطالة الجزئية على أساس أن العامل لا يعمل طوال السنة.


3- البطالة الجزئية:


رغم التداخل الكائن بين البطالة الموسمية والبطالة الجزئية (Fractural Unemployment)، فإن الأخيرة توجد إذا كانت القوى العاملة المتاحة غير مستخدمة استخداماً تاماً، أي أن يعمل الأفراد ساعات عمل أقل من ساعات العمل العادية. إنه إذا كان من الممكن اعتبار البطالة الموسمية نوعاً من البطالة الجزئية، فإن هذا لا يمنع من وجود اختلاف بين النوعين، يتمثل في أن الأخيرة تكون فيها عمالة كاملة في فترة من الفترات (السنوية) ولا عمالة إطلاقاً في فترة أخرى.


4- البطالة الاحتكاكية:


البطالة الاحتكاكية (Frictional Unemployment) هي البطالة التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق والمهن المختلفة، وهي عادة ما تحدث بسبب نقص المعلومات لدى الباحثين عن العمل عن الفرص المتاحة فيه، إن نقص هذه المعلومات يطال الباحثين عن العمل كما يطال صاحب العمل أيضاً، بمعنى أن فترة البحث عن العمل قد تطول نتيجة لعدم توافر المعلومات الكافية عن العمل سواء لدى أصحاب الأعمال أو الباحثين عن عمل، رغم أن كلا منهما يبحث عن الآخر. وفي هذا الاتجاه يرى عدد من الباحثين أن البطالة الاحتكاكية تقل كلما ارتفعت نفقة البحث عن العمل، كما يرون أن إعانة البطالة التي تقرر الدول المتقدمة صناعياً عادة صرفها للعاطلين، ويؤمل أن تأخذ بها الدول النامية وفي المقدمة منها الدول العربية، تسهم في حجم ومعدل البطالة الاحتكاكية لأنها (أي الإعانة) قد تجعل العاطل يتقاعس في البحث عن عمل فتطول بالتالي مدة تعطله.


5- البطالة الهيكلية:


البطالة الهيكلية، أو ما يعرف أيضاً بالبطالة البنائية (Structural Unemployment) هي ذلك النوع من البطالة الذي يشير إلى التعطل الذي يصيب جانباً من قوى العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد القومي، وتؤدي إلى إيجاد حالة من عدم التوافق بين فرص العمل المتاحة وخبرات الباحثين عن العمل، وتلك التغيرات قد تكون بسبب دخول نظم تكنولوجية حديثة (كالميكنة والربوت والتكنولوجيا عامة...)، أو إنتاج سلع جديدة، أو تغير في هيكل الطلب على المنتجات، وكذلك دخول فئات ومهارات إضافية (غير متوقعة غالباً) إلى مجال العمل. إننا في هذه الحالة نواجه فائض عرض في سوق عمل ما، وفائض طلب أي نقص عرض، في سوق عمل أخرى، ويظل هذا الاختلال قائماً إلى أن تتوافق قوى العرض مع قوى الطلب.


6- البطالة الإجبارية:


البطالة الإجبارية (Involuntary Unemployment) تعرف أيضاً بالبطالة الاضطرارية (Obligatory Unemployment)، وهي تكون عندما يضطر أو يجبر العامل على ترك عمله لسبب أو لآخر، كأن يعلن مشروع عن إفلاسه مثلاً، أو يغلق أحد المصانع أبوابه ويستغني عن العاملين فيه أو بعضهم بغير إرادتهم.


إنها ذلك النوع من البطالة الذي يتعطل فيه العامل بشكل جبري، أي على غير إرادته. وهي تحدث عن طريق تسريح العاملين، أي الاستغناء عنهم بشكل قسري، رغم ان العامل يكون راغباً في العمل وقادراً عليه وقابلاً لمستوى الأجر السائد.


وهذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح مراحل الكساد الدوري، وخاصة في البلدان الصناعية، وقد تكون البطالة الإجبارية احتكاكية أو هيكلية.


7- البطالة الاختيارية:


يعرف هذا النوع من البطالة بالبطالة الإرادية أو الطوعية (Voluntary Unemployment)، كما قد يطلق عليها أيضاً مصطلح التبطل الذي هو تعبير يقصد به قعود الشخص عن العمل اختيارياً رغم قدرته عليه ووجود فرصة متاحة أمامه دون أن يكون له مورد ثابت للرزق أو وسيلة مشروعة للعيش. أما البطالة الاختيارية أو اللا إرادية أو الطوعية فهي تكون حين يقدم العامل استقالته من العمل الذي كان يعمل به بمحض إرادته، إما لعزوفه عن العمل وتفضيله لوقت الفراغ (مع وجود مصدر آخر للدخل)، أو لأنه يبحث عن عمل أفضل يوفر له أجراً أعلى وظروف عمل أحسن.


والبطالة الاختيارية قد تنطبق على الأفراد الذين يمكنهم العمل عملاً إضافياً، ولكنهم يحجمون عن ذلك. فالفرد هنا يختار الفراغ بدلاً من العمل، لا لأنه حقق دخلاً كبيراً، وفر له مستوى معيشياً مرتفعاً، تصبح معه الراحة هي السلعة الكمالية المفضلة على السلع الأخرى، ولكن لأنه حقق مستوى من الدخل الذي رآه كافياً لإشباع حاجاته وتطلعاته، بحيث يصبح العزوف عن العمل مفضلاً على بذل المزيد من الجهد.


8- البطالة المقنعة:


تعرف البطالة المقنعة (Disguised Unemployment) أيضاً بالبطالة المستترة. وهذا النوع من البطالة هو الأشهر في الفكر الاجتماعي الاقتصادي، على اعتبار أن كل ما سبق من أنواع وأشكال البطالة يمكن أن تنضوي – بصورة أو بأخرى – تحت مظلتها. وفي الوقت نفسه، فإن هذا النوع من البطالة كان (متفشياً بين الدول التي كانت تدور في فلك الاقتصاد الاشتراكي) وما زال هو الأكثر انتشاراً في بناء الاقتصاد العربي عامة والاقتصاد الزراعي – ومعه اقتصاد الخدمات الحكومي – خاصة.


على أي حال، البطالة المقنعة أو المستترة هي العمل ولو لكل الوقت المعتاد ولكن على مستوى إنتاجي منخفض، أو دون استغلال كامل للمهارات والمؤهلات والقدرات، ومع ضعف القدرة على الوفاء بالحاجات. إن الحالة الأولى – كما جاء لدى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) – تعبر عن تدني الإنتاجية الاجتماعية، فيما تنتج الثانية عن عدم الموازنة بين النظم التعليمية (والتدريبية) واحتياجات سوق العمل، اما الحالة الثالثة فتعبر عن انخفاض مستوى الرفاهية الاجتماعية الكلية.


والبطالة المقنعة – كما تنقلها منظمة العمل الدولية عن ربنسون تعبر عن حالة الأفراد الذين يمارسون أعمالاً تنخفض فيها إنتاجيتهم الحدية عن المستوى المفترض وفقاً لمستواهم التعليمي والتدريبي والمهاري، وذلك بسبب تعرض الاقتصاد لحالة من الركود نجم عنها تراجع حاد في الطلب الكلي وفي فرص العمل المتاحة في المجتمع. كما أنها تصف حالة من سوء استخدام عنصر العمل التي تتمثل في نقص تشغيل هذا العنصر عن مستوى معياري معين، أو ما يعرف بنقص التشغيل (Underemployment).



9- البطالة السافرة:


يعرف هذا النوع من البطالة أيضاً بالبطالة الظاهرة أو البطالة المسجلة (Open/Registerd Unemployment)، ويقصد بها حالة التعطل الكلي الظاهر الذي يعاني منها جزء من قوة العمل المتاحة، أي وجود عدد من الأفراد القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه عند مستوى الأجر السائد دون جدوى، ولذلك فهم في حالة تعطل كامل، لا يمارسون أي عمل.


والبطالة السافرة، رغم اختلاف مسمياتها، يمكن أن تكون بطالة احتكاكية أو بطالة هيكلية أو بطالة دورية، ومدتها الزمنية قد تطول أو تقصر بحسب طبيعة الظروف السائدة بالاقتصاد القومي.


وعند تناوله للبطالة السافرة، فإن غنيمي لم يخرج عن المفهوم السابق كثيراً. فهي عنده تعني وجود الشخص خارج دائرة العمل، أي أنه لا يؤدي أي عمل رغم قدرته عليه ورغبته في القيام به وبحثه عنه.


ويسير سليم في ذات المسار، ويذكر أن البطالة السافرة تتمثل في الشكل الواضح لفائض العرض في سوق العمل مقارناً بالطلب عليه... ويرجع هذا إلى عدم ملاحقة الزيادة في فرص العمل للتدفقات المستمرة على سوق العمل نتيجة للنمو السكاني السريع.


ويتفق غنيمي مع سليم في هذه المقولة، وذلك حين يرى أن هذا النوع من البطالة غالباً ما يتحقق أثناء فترات الركود الاقتصادي، حيث يكون عدد الباحثين عن العمل أكبر بكثير من عدد فرص العمل التي يوفرها الاقتصاد القومي بقطاعاته المختلفة، كما أنها تكون في بعض الأحيان ناشئة عن عدم التطابق بين نوع الوظائف (فرص العمل) المعروضة ونوع الوظائف (أو فرص العمل) المطلوبة، فقد يكون فائض الأيدي العاملة مساوياً للطلب على العمل الذي لم تتم تلبيته، وفي هذه الحالة تكون البطالة نتيجة التوزيع غير الملائم لموارد قوى العمل عن طريق قوى السوق. (وهنا نكون قريبين من البطالة الهيكلية، بما يفيد نوعاً أو آخر من التداخل بين أنواع البطالة كلها).


                                    مع تحيات/ أدارة/ شبكة بطالة