الثلاثاء، 24 يوليو 2012

الاثار الناتجة عن مشكلة البطالة فى المجتمع


هناك نوعان لآثار المشكلة اقتصادية واجتماعية :-

الآثار الاقتصادية :-
1) الإنسان هو هدف التنمية ووسيلتها وعندما تتعطل هذه الوسيلة عن العمل فإن تحقق الغاية يتوقف كلياً أو جزئياً، فمهما كانت مستويات التنمية مرتفعة يكون العاطلون عن العمل خارج نطاق التنمية لا يصلهم من خيراتها ومكاسبها، وذلك لانغلاق القناة التي كان يمكن أن يصلوا بها إلى مستوى معيشة مقبول. فعلى سبيل المثال قرار الأمريكان تطبيق التأمين الصحي حرموا به عشرات الملايين منهم من الاستفادة منه أي تقدم تقني صحي مهما عظم أو عظمت منافعه وذلك لإغلاقهم بسبب هذه السياسة طرق استفادة فئات كبيرة إما بسبب فقرهم أو لأسباب أخرى. والتنمية يفترض أن تمثل في زيادة قدرات الأفراد والمجتمعات وليس زيادة معدلات استهلاكهم ولا حتى زيادة دخولهم فقط حيث تتحقق التنمية الحقيقية عند زيادة قدرات أفراد المجتمع على أن يحيوا نوعية الحياة التي يرونها وفق معتقداتهم حياة كريمة ولائقة كما أشار إلى ذلك الكثيرون منهم ( أمارتيا سين ) ( الحائز على جائزة نوبل ).

2) النمو الاقتصادي الذي يمكن أن يقاس بزيادة الدخل القومي عبر الزمن يعتمد على نوعية وكمية الموارد الاقتصادية المتاحة للمجتمع والتي هي عبارة عن الموارد البشرية والموارد الطبيعية والأصول المنتجة من آلات وطرق ومباني وأجهزة …… الخ.

فإذا تعطل أهم هذه الموارد على الإطلاق وهو المورد البشري لأي سبب أو تعطل بعضه فإن المجتمع يخسر ما كان يمكن أن ينتجه ذلك المورد ويخسر ما سينفق على استهلاك ذلك المورد المعطل لأنه وإن توقف عن الإنتاج فلن يتوقف عن الاستهلاك مما يؤدي إلى خفض معدلات النمو الاقتصادي وذلك مثل خسارتك لأرباح كان يمكن أن تحصل عليها لو شغلت أموالك بدلاً من تركها بدون تشغيل خاصة وإن الزكاة تأكلها بالتدريج.

3) زيادة التسرب من الاقتصاد وذلك لزيادة الاستهلاك بسبب زيادة معونات البطالة والفقر والصدقات ونحو ذلك بدلاً من زيادة الإدخارات التي تتحول إلى استثمارات وتزيد من الدخول والرخاء الاقتصادي هذا من جهة ومن جهة أخرى تزيد التسريبات خارج الاقتصاد إذا كانت البطالة بسبب زيادة العمالة الأجنبية وذلك بسبب تحويلات الأجانب إلى بلدانهم فينخفض النمو الاقتصادي لانخفاض الناتج الوطني بقيمة التسرب مضروباً في قيمة المضاعف أي ينخفض الناتج الوطني بقيم أكبر كثيراً من حجم التسريبات نفسها.

وبالتالي فكثيراً ما تكون التكلفة الاقتصادية للعمالة الوطنية أقل منها للعمالة الأجنبية خاصة عندما نضيف التكلفة الاقتصادية الناتجة عن التكاليف الاجتماعية لهذه العمالة أضف إلى ذلك ما يقال من أن نسبة الأداء تتناسب مع نسبة الولاء كما يقول مدير المركز السعودي للتنمية الإدارية والفنية والولاء يزيد في العمالة الوطنية وهي أيضاً ثابت وغير متذبذب فيؤدي إلى زيادة الإنتاج مقارنة بإنتاج العمالة الأجنبية كماً وكيفاً في الأجل الطويل.




وهو ما يمكن أن يخسره الاقتصاد المعتمد على الأجانب حيث تبلغ تحويلات الأجانب كنسبة من إجمالي الصادرات لبعض دول الخليج كما يلي:

21 % من الصادرات العمانية.
25 % من الصادرات البحرينية.
28 % من الصادرات السعودية أي حوالي 20 ملياراً هو ما يساوي حوالي 13 % من إجمالي الناتج القومي في عام 1994م.

4) والبطالة أيضاً تؤدي إلى الهجرة طلباً للوظائف سواء الهجرة الداخلية أو الخارجية أما الداخلية فقد تؤدي إلى ازدحام المدن وارتفاع تكاليف السكن وازدحام المرافق وما إلى ذلك من تلوث وغيره. والبطالة أيضاً قد تؤدي إلى خفض أجور من هم على رأس العمل لأن زيادة العرض من العمال يخفض الأجور لسهولة إيجاد البديل ولإضعاف قدرة العامل على المساومة ومن آثار البطالة الاقتصادية أيضاً ضياع تكاليف التعليم والتدريب لأنه بعد مدة من التوقف عن العمل لابد في بعض الأحيان من إعادة التدريب القديم أو التدريب على مهنة مطلوبة جديدة كما يضاف إلى ذلك خسارة الإنسان لقدرته على تحقيق أهدافه في هذه الحياة في توفر حياة كريمة ذات قيمة مرتفعة.

الآثار الاجتماعية :-
والفقر من بين أهم آثار البطالة خاصة طويلة الأجل. والفقر ليس مجرد مسألة انخفاض أو انعدام للدخل بل أن الفقراء يصبحون بلا حول ولا قوة فيفقدون الحيلة والقدرة على التعبير أو الاختيار وتنخفض فرصهم في الحرية والحركة والتأثير حتى على ما يخصهم من شؤون الحياة لأن الفقر متعدد الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية بل والبدنية فينتهي الشخص بعدم القدرة على تحسين وضعه بسبب اعتلال الصحة أو العزلة أو سوء التعليم أو نقص القدرة على الاستفادة من الفرص المتاحة في المجتمع والفقر مع البطالة يجعلان البدن من جملة الخصوم بدلاً من كونه من أهم الأصول.
والفقراء أقل الفئات قدرة على الصمود أمام الأزمات الاقتصادي والكوارث لعدم قدرتهم على الادخار فيسهل مثلاً انسحاب أبنائهم من التعليم إن وجد وتسهل إصابتهم بالأمراض بسبب بيئتهم بل أنهم أيضاً أقل فئات المجتمع استفادة من النمو الاقتصادي لهذه الأسباب مجتمعة ولسهولة دخولهم في الحلقة المفرغة للفقر ولشدة معاناتهم من الفساد الإداري عندما يوجد ويتفاقم.

والفقير هو من يقل دخله عن 365 دولار أمريكياً سنوياً في أي مكان في العالم حسب تعريف البنك الدولي ونجد من بين سكان العالم حوالي النصف أي ما يقارب ثلاثة مليارات إنسان يعيشون على أقل من دولار في اليوم وذلك رغم تحسن مستويات الدخول في العالم خلال القرن الميلادي المنصرم ولكن سؤ التوزيع لهذه الدخول يزداد سوء فمثلاً يزيد متوسط دخل العشرين دولة الأكثر ثراء عن متوسط الدخل في الأكثر فقراً بمقدار 37 ضعفاً وإذا انتشر الفقر ونشأت طبقة اقتصادية دنيا انتشرت السرقة بل والجرائم الأخرى من رشوة وفساد إداري الخ وكلها ذات تكاليف اقتصادية باهظة في الأجلين الطويل والقصير ولذلك يكافح الفقر عن طريق مكافحة البطالة كما يمكن حدوث العكس.

بل إن هناك من يرى أن النظام الرأسمالي يدفع تعويضات البطالة وغيرها مما يدفع للفقراء بالضرورة عن قناعة وإنسانية بل هو لمكافحة ما يترتب على الفقر من مشكلات اقتصادية نقض مضاجع الرأسماليين. حيث تشير دراسة للبنك الدولي على مستوي العالم أجريت على عشرة آلاف مشروع خلال العاميين 1999 و 2000 ميلادية أنه من أكثر العقبات خطورة على الأعمال التجارية والاستثمارية ما يلي: الفساد الإداري وجرائم الشارع والاضطرابات والسرقات ونحوها.

وعليه يمكن القول أن تكلفة العامل الاقتصادية المتمثلة في الأجر الذي سيدفع له أصغر بكثير من التكلفة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.. الخ المترتبة على تركه عاطلاً بدون عمل فصار من الرشد الاقتصادي السعي في توظيف الشباب بجدية.
وتؤكد الإحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، أو تأخرهم عن الزواج، وإنشاء الأسرة، أو عجزهم عن تحمل مسؤولية أسرهم.
تفيد الإحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية. إنّ نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل (يفتقدون تقدير الذات، ويشعرون بالفشل، وأنهم أقل من غيرهم، كما وجد أن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل، وأنّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة)، وأنّ البطالة تعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين ما زالوا في مرحلة النمو النفسي.
كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية.
وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني، يقدم البعض منهم على شرب الخمور، بل ووجد أن 69% ممن يقدمون على الانتحار، هم من العاطلين عن العمل.
ونتيجة للتوتر النفسي، تزداد نسبة الجريمة، كالقتل والاعتداء، بين هؤلاء العاطلين.
ومن مشاكل البطالة أيضاً هي مشكلة الهجرة، وترك الأهل والأوطان التي لها آثارها ونتائجها السلبية، كما لها آثارها الايجابية.
والسبب الأساس في هذه المشاكل بين العاطلين عن العمل، هو الافتقار إلى المال، وعدم توفره لسد الحاجة.
إن تعطيل الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب الممتلئ طاقة وحيوية ولا يجد المجال لتصريف تلك الطاقة، يؤدي إلى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة.
وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم إلى مشاكل أساسية معقّدة، ربما أطاحت ببعض الحكومات، فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجه ضد الحكام وأصحاب رؤوس المال فهم المسئولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة.
وقد حلّل الإسلام مشكلة الحاجة المادية والبطالة، تحليلاً نفسياً كما حللها تحليلاً مادياً:
منها ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله: «إنّ النفس إذا أحرزت قوتها استقّرت» .
وعن الإمام جعفر الصادق (رضي الله عنه): «إن النفس قد تلتاث على صاحبها، إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه، فإذا هي أحرزت قوتها اطمأنت».
وهذا النص يكشف العلمية التحليلية للعلاقة بين الجانب النفسي من الإنسان، وبين توفر الحاجات المادية، وأثرها في الاستقرار والطمأنينة، وأن الحاجة والفقر يسببان الكآبة والقلق وعدم الاستقرار،
وما يستتبع ذلك من مشاكل صحية معقّدة، كأمراض الجهاز الهضمي والسكر، وضغط الدم، وآلام الجسم، وغيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضع تعليقك وقول رأيك بحرية وجرأة