الثلاثاء، 24 يوليو 2012

هناك مشكلة بطالة فى المملكة العربية السعودية وها هى ابعاد مشكلة البطالة فى المملكة العربية السعودية


مكافحة البطالة وتحقيق السعودة هدف استراتيجي للدولة، هذا التصريح الذي ردده الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي في أكثر من مناسبة على مر السنوات المنصرمة، ليس مستغربا كون البطالة أصبحت من أخطر المشكلات التي تهدد المجتمعات المعاصرة عموما، وإحدى التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه المملكة العربية السعودية.
يرجع السبب الرئيسي في بروز مشكلة البطالة على وجه العموم إلى قصور جانب الطلب عن استيعاب المعروض من القوى العاملة"، وقد أحال ذلك إلى عدد من العوامل ، أهمها :
1- تراجع معدلات النمو الاقتصادي .
2- معدلات النمو العالية للسكان.
3- ضعف مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل.
4-التراجع في قدرة القطاع العام على التوظيف.
5- الإقبال المتزايد من الإناث على المشاركة في قوة العمل.
6- اتباع بعض الدول سياسة "الباب المفتوح" أمام العمال الوافدين.
7- النظرة الدونية لبعض المهن.
8- دخول التكنولوجيا الحديثة.
       9- ضعف البيانات المتوفرة عن سوق العمل.
       وهناك آثار عدة تتولد من جراء تفشي البطالة في السعودية، على الصعيد الاقتصادي مثلا: انعدام الأمن الاقتصادي لدى الفرد، أما على مستوى الدولة، ففيها إهدار لقيمة العمل البشرية وتؤثر على قدرة الحكومة بالسلب في الإنفاق على الخدمات العامة الضرورية كالتعليم و الصحة.
وعلى الصعيدين السياسي و الاجتماعي، فهي تؤدي للسخط على النظام الحاكم، وتهيأ مناخا محرضا للعمل ضد أمن الدولة، كونها – أي البطالة- تدفع بالفرد نحو ممارسة العنف و التطرف والجريمة. وأخيرا على الصعيد النفسي، حيث كثيرا ما يصاب العاطل بالاكتئاب والاغتراب و بالتالي يندفع إلى الانحراف و إدمان المخدرات و معاقرة الخمور، وفقدان الشعور بالانتماء للمجتمع.

من خلف البطالة السعودية؟
       إن البطالة لم تكن من المشاكل التي تؤرق السعوديين قبل عقد من الزمن، حيث كان طالبو العمل من المواطنين تتوافر أمامهم فرص سهلة في العمل، خاصة في القطاع الحكومي، إلا أن هذا الوضع تغير في السنوات الأخيرة.
في تقرير حديث أصدره أحد البنوك عن حجم البطالة، بين أن من بين كل ثلاثة يتقدمون لسوق العمل، يتمكن واحد منهم فقط في الحصول على الوظيفة، كما بين التقرير نفسه أن من 15% إلى 20% من الشباب السعودي لا يجدون عملا، كما نوه البحث إلى تقرير حديث وشبه رسمي صادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي توصل وفق حساباته الخاصة بالتقدير، إلى أن نسبة البطالة في المملكة تناهز 31.7%، لكنه في الوقت نفسه أكد أن هذه النسبة ليست بالضرورة أن تكون دقيقة، كما أشارت بعض التقارير الصحفية على أن نسبة البطالة في المملكة تصل إلى 27% قياسا بـ 12% قبل خمس سنوات مضت، و علل البحث التفاوت بين النسب المحددة في البطالة للمملكة إلى عدم توافر إحصائيات و مسوحات ديموغرافية دقيقة عن السكان، إلا أنه لم يتحدث في نتائجه سوى عن التقريرين البنكي و الصحفي.
       إن من أسباب البطالة داخل السعودية، مزاحمة العمالة الوافدة للوطنية، إذ استقدمت عمالة وافدة ضخمة (من 2.7 مليون إلى 4.1 مليون) لتنفيذ مراحل خطتي التنمية الثانية و الثالثة خلال 1975م- 1985، ورغم اكتمال مشاريع البني التحتية، أو مشارفتها على ذلك مع نهاية الخطة الثالثة، كان من الطبيعي أو المفترض أن ينخفض عدد العمال الوافدين لعدم الحاجة إليهم، لكن الذي حدث هو العكس، إذ ارتفع عددهم مع نهاية الخطة الخماسية السادسة عام 2000م إلى 6.2 مليون، مما تسبب في إغراق سوق العمل السعودية، فالعمال غير السعوديين بلغت نسبة تمثيلهم من قوى العمل في المملكة 73% في الوقت الذي لم تزد فيه عن 20% في منتصف السبعينات الميلادية .
وانتقل البحث إلى أثر تراجع معدلات النمو الاقتصادي، يقول البحث : "ما لم تقم الحكومة بمعالجة مشكلة عجوزات الميزانية المزمنة يظل معدل النمو الاقتصادي للملكة في خطر"، وأشار إلى الأثر الخطير للدين العام على الاقتصاد الوطني الذي بلغ عام 2000 اكثر من 600 بليون ريال، أي ما يشكل 93% من الناتج المحلي العام، وهو مستوى كبير جدا، يقدر الدين الخارجي منه بحوالي 5% ، بينما تشكل الديون البنكية حوالي 21% أما النسبة الباقية فهي عبارة عن ديون تعود إلى مؤسسات حكومية مستقلة مثل صندوق معاشات التقاعد و المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية .
        "إن معدلات النمو السكانية العالية ليست مشكلة في حد ذاتها إذا ما صاحبتها معدلات نمو اقتصادي مرتفع، و هذا ليس ما عليه الحال في المملكة كما أشرنا في السابق"، حيث نسبة زيادة المواليد في المملكة هي الأعلى على مستوى العالم،حيث أنه يولد طفل سعودي كل دقيقة و هذا يفوق معدل مصر و الصين و الهند.
 ثم تطرق البحث إلى العلاقة بين مخرجات التعليم و حاجة سوق العمل، و يؤكد البحث على أنه من أسباب ظهور و تنامي البطالة بين خريجي التعليم العالي، الخلل الهيكلي النظام في النظام التعليمي، و عدم مواءمة مخرجاته مع سوق العمل، ففي العشر سنوات الماضية تتراوح نسبة المتخرجين من التخصصات النظرية ما بين 80-85% في مقابل 15-20% للتخصصات العلمية المطلوبة في سوق العمل، إضافة إلى ذلك، فقد فشل النظام التعليمي في المملكة في غرس مهارات المبادرة و الابتكار و الإبداع لدى الخريجين، خصوصا في المرحلة الثانوية، و حتى خريجي الجامعات في المملكة، من ذوي التخصصات المرغوبة في سوق العمل، يفتقدون بدرجة كافية إلى المهارات المطلوبة للعمل في القطاع الخاص !! كضعفهم في اللغة الإنجليزية و عدم إلمامهم بالحاسب الآلي، و ضعف التأهيل التخصصي والقدرة التحليلية و عم توفر الخبرة الكافية.

 ماهي السعودة ؟
إن إحلال العمالة الوطنية محل العمال الوافدين، وصولا في النهاية إلى توطين الوظائف و الاستخدام الأمثل لقوة العمل الوطنية، في تقييم البحث (غدت ضرورة ملحة تمليها حقوق المواطنة و تفرضها معطيات الواقع)، إذ أن تحقيق "السعودة" والوصول بها إلى مستويات عالية يتضمن حماية المجتمع من خطر البطالة، إضافة إلى الحد من استنزاف العملة الصعبة إلى خارج البلاد في شكل تحويلات من طرف الوافدين (بلغت حوالي 68% من جملة الإنفاق الحكومي)، هذا غير تخفيف الضغط على قطاع الخدمات مما يؤدي إلى تقليص الإنفاق الحكومي عليها، و قد تناول البحث مدى نجاح الجهود الرامية للسعودة على مستويين:-
اولا : على القطاع العام، الذي قطع شوطا جيدا في السعودة (بلغ عدد غير السعوديين العاملين في هذا القطاع 82896 من 674554)، و يشير البحث إلى أنه من أهم المعوقات التي تواجه تنفيذ السعودة في هذا القطاع تتلخص في التالي :
1- عدم توافق مخرجات النظام التعليمي مع حاجة الأجهزة الحكومية.
2- إصرار بعض المواطنين على العمل في مدن محددة.
3- ضعف إقبال المواطنين على بعض الوظائف المتاحة.
4- وجود وظائف لا يخضع التوظيف عليها لرقابة مركزية.
5- تهاون بعض المسؤولين.
6- ضعف الرواتب و الحوافز .
7- الحد من الابتعاث في الجهات الحكومية للدراسة و الحصول على درجة علمية أعلى.
ثانياً : متمثلا في القطاع الخاص، ما زالت نسبة المواطنين تشكل نسبة متواضعة من مجمل القوى العاملة فيه (بلغت 8.4 %) ، و عودة ذلك ليست إلى موقف سلبي اتخذه أرباب العمل من السعودة، إنما كما وردت في مذكرة صادرة عام 1422هـ عن مجلس الغرف السعودية : (إن إلزام القطاع الخاص بنسب سعودة ثابتة في جميع المهن، أمر يصعب تطبيقه عمليا، نظرا لعدم توافر عرض العمالة السعودية في بعض التخصصات، هذا بالإضافة إلى أنه ليست كل المهن محل إقبال متساوي من السعوديين).
وألخص العوائق التي تواجه تطبيق السعودة بالقطاع الخاص في التالي :
1- تدني مستوى أجور نسبة كبيرة من العمالة الوافدة.
2- قيام بعض أصحاب العمل بوضع شروط صعبة.
3- العرض الكبير من العمالة الوافدة مع مستويات مهارية عالية و خبرة طويلة.
4-عدم توافق مؤهلات بعض طالبي العمل و بعض الوظائف.
5- شعور الكثير من طلاب العمل السعوديين بأن القطاع الخاص لن يحقق لهم الأمن الوظيفي.
6- ضعف الوعي بأهمية العمل و مسؤولية العامل من قبل بعض طالبي العمل السعوديين.
7- وجود بعض الفرص الوظيفية في أماكن نائية و عدم توافر العدد الكافي من السعوديين الراغبين في العمل في بعض المهن.
8- قصر جهود السعودة على منشآت القطاع الخاص الكبيرة.
9- التنظيم المؤسسي لمنشآت القطاع الخاص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضع تعليقك وقول رأيك بحرية وجرأة