الثلاثاء، 24 يوليو 2012

طرق علاج مشكلة البطالة للشباب

شرُّ شرٍّ يهدد الإنسانيةَ هو وجود عاملٍ عاطلٍ، وهو في أشدِّ الحاجةِ إلى العملِ وقادر عليه، حتى يستطيع الإنفاق على مطالبِ الحياة ويسهم في عمارةِ الأرض، وعبادة الله، وحماية نفسه من صورِ الفساد الأخلاقي والاجتماعي والسياسي.



وتنشأ مشكلة البطالة عندما لا يلتزم الإنسانُ بالفطرةِ السجِيَّةِ التي خلقه الله عليها، أو أنه يسيءُ استخدامَ ما سخَّره الله له من نعم، أو ينحرف عن الرشد في استغلالِ الموارد البشرية والطبيعية، فالإنسانُ هو سبب هذه المشكلة، ولن تحل هذه المشكلة إلاَّ من خلالِ الإنسان الرشيد الذي يُطبق أحكام ومبادئِ الشريعة الإسلامية.




ومن مخاطر مشكلة البطالة أنها تُحطِّم الجوانب المعنوية والنفسية للإنسان، وتُسبب ارتباكًا وخللاً في الأسرة، كما أنَّ لها العديدَ من الآثارِ السياسية السيئة، حيث تُسبب خطرًا على استقرارِ الحكم.




وتأسيسًا على ما سبق، فإنَّ التصدي لها يعتبر من الضرورياتِ الشرعية، والواجبات الدينية، والمسئولية الوطنية، وهي قضية ولي الأمر والمجتمع بأَسْرِهِ، سواء بسواء، ولكن كيف تُعالج هذه المشكلةُ بالفعل والعمل وليس بالقول والأمل؟ هذا ما سوف نتناوله في هذه الدراسةِ بإيجاز؟




مشكلة البطالة في متاهات الأقوال والوعود


يختلف علاج مشكلة البطالة باختلاف أيديولوجية النظام السياسي والاقتصادي، ويرى أنصارُ النظامِ الرأسمالي الحُرِّ أنه يقع على القطاع الخاص مسئولية إيجادِ فرصِ عملٍ، ويكون دور الدولة في هذا الصدد محدودًا، ومن سياسةِ الحكومة دعمُ هذا القطاع ومساعدته، أو التيسير عليه لينطلق لاستيعاب العاطلين، فهل نجح هذا الفكر في علاجها؟ للأسف لا، كما يرى أنصار النظام الاشتراكي أنَّ على الدولةِ مسئوليةَ علاجِ مشكلةِ البطالةِ من خلال القطاع العام.. فهل نجح هذا الفكر في علاجها؟




لقد ظلَّت مشكلة البطالة في مصر في متاهاتِ المفاهيم والشعارات والوعود والأوهام، فقد سارت الدولة أخيرًا في طريقِ النظام الرأسمالي الحر، ووضعت خطةً للإصلاح الاقتصادي؛ والذي يقوم على الخصخصة، ولقد أسفرت تلك الخطة عن مضاعفاتٍ سيئةٍ لموضوع التشغيل؛ حيث توقَّف دور الدولة عن إيجاد فرصٍ للعاطلين، كما أخفق القطاع الخاص في استيعابِ العاطلين، وضاعف من مشكلةِ البطالة والكساد الاقتصادي والجات والعولمة، وسيطرة فئة من رجالِ الأعمال على النشاط الاقتصادي، ولهذا مظاهره؛ نُبينها في البندِ التالي.


مظاهر ومخاطر مشكلة البطالة في مصر


من مظاهر تلك المشكلة في الواقع العملي في مصر ما يلي:


- ضعف الاستثمارات القومية الموجَّهَةِ إلى المشروعات الاستثمارية الجديدة لاستيعابِ العاطلين، وتقلص هذا البند من ميزانيةِ الدولة.




- عدم الرشد في الخصخصةِ، وظهور ضحايا المعاش المبكرِ الذين لا يجدون أيَّ عملٍ سوى المقاهي، والجلوس أمام التلفاز.






- الكساد الذي يُواجه القطاع الخاص، وفشله في تشغيلِ العاطلين.




- تركيز معظم القطاع الخاص على المجالاتِ التي لا تستوعب عددًا كبيرًا من العاطلين، والمعيار هو الربحية العالية واسترداد رأس المال بسرعة.




- التضييق على فرصِ العمل في دول الخليج، وتفضيل العمالة الهندية والباكستانية ونحوها، بل ينهون خدمات ما بقى لديهم من المصريين.




- العائدون من العراقِ بسبب الحرب، ولا يجدون عملاً.




- انخفاض معدل الادخار بسبب الفقر، وبالتالي ضعف الاستثمار في مشروعاتٍ استثماريةٍ جديدةٍ لأسبابٍ شتَّى منها: ارتفاع الأسعار، والحياة الضنك.




- اتجاه الاستثمارات الأجنبية في معظمها نحو مشروعاتِ الكمالياتِ والمظهرياتِ والمضارباتِ، والتعامل في سوقِ الأوراق المالية.




- الانفتاح الاستهلاكي السيء مثل كنتاكي، وماكدونالدز، والملاهي، والمصايف، وما في حكم ذلك.




وتأسيسًا على ما سبق، يجب على الحكومةِ الجديدةِ أن تُركِّز على الأفعالِ والأعمالِ، وليس على البياناتِ والشعاراتِ والوعود والآمال، هل نحن قوم عمليون؟ وهل تستطيع الحكومة أن تقلل الفجوةَ بين الواجبِ والواقع؟ نحن لسنا في حاجةٍ إلى مزيدٍ من التحليلِ والتشخيصِ والبحث عن الإحصائيات، ولكن نحن في حاجةٍ إلى برامجَ تنفيذيةٍ كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك في قوله: ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105)، يجب أن تعيَ الحكومةُ الجديدةُ أنَّ قضيةَ البطالةِ من القضايا التي تتأثر مباشرةً بالمشاكلِ الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية؛ ولذلك تحتاج إلى النظرةِ الشاملةِ لكافةِ محاورها، ودراسة العلاقات السببية بينها وبين المشاكل الأخرى.. ويُثار السؤال: هل الإسلامُ هو الحل؟ وهل يوجد لدى علماء الاقتصاد الإسلامي برنامج لعلاج هذه المشكلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضع تعليقك وقول رأيك بحرية وجرأة