الثلاثاء، 24 يوليو 2012

الاجراءات التى يجب ان تتخذها الدول لعلاج البطالة


لابد للمجتمع بمؤسساته العامة والخيرية أن يتكاتف لتوفير الحد الأدنى من مستوى المعيشة لجميع أفراده العاجزين عن توفيره لأنفسهم لأي سبب ومن ضمن ذلك تقديم إعانات البطالة لكن يجب أن تكون مبالغ هذه الإعانات مدروسة بعناية فإذا كانت مرتفعة إلى حد الاقتراب الكبير من مستوى الأجور في المجتمع فإنها قد تساعد على نشوء البطالة بل واستمرارها لمدد طويلة عندما تنشا كما رأينا في حالة ( أسبانيا ).
ولهذا فتعمد بعض الدول إلى جعل إعانة البطالة تتناقص مع مرور الزمن وذلك من أجل حفز العاطلين على الجدية في طلب العمل.
كما يمكن جعل بعض الإعانات مشروطة بتحقيق بعض التحسن في سلوك الفرد وحياته مثل ترك بعض العادات السيئة كالتدخين والإسراف أو إدخال أولاده إلى المدرسة أو التدريب على مهنة ونحو ذلك.
كما يمكن جعل إعانة البطالة مؤقتة أو تنخفض بالتدريج عند وجود عمل ولا تنقطع فجأة لئلا تثبط عن البحث عن عمل أو جعلها تتناقص مع الزمن ولو لم يجد عملاً.
إن برامج مساعدة العاطلين على إنشاء أعمالاً حرة خاصة بهم عندما تبدو عليهم الجدية أفضل بكثير من إعانات البطالة لأن الإعانات استهلاك وإنشاء الأعمال الحرة الصغيرة يعد استثماراً، ومثل هذه البرامج عالجت ما يصل إلى 5 % من البطالة كما تشير دراسة أجريت في تسع دول أوروبية.
لكن لابد أن تكون البرامج مدروسة بعناية والمستحقين قد تم اختيارهم بدقة لكي تؤتي ثمارها ففي بريطانيا على سبيل المثال يلتحق المرشحون لمثل هذه البرامج في دورات تدريبية واختبارات للمهارات والمعرفة وعادة ما ينسحب نصف المرشحين قبل نهاية هذه الدورات. كما يمكن أن تدفع المبالغ اللازمة لإنشاء الأعمال الحرة على شكل أقساط أو قد تأتي على شكل ضمان يمكن بموجبه الحصول على قروض لبدأ العمل الحر كما في هولندا ونحو ذلك مما يختلف حسب الحالة والظروف.
كما قد يكون من المجدي أيضاً كبديل للإعانة المباشرة للبطالة القيام بإعانة مجالات التوظيف لفتح فرص العمل للعاطلين وإعانة لأرباب الأعمال من أجل استمرار الموظفون الحاليين في العمل بدلاً من طردهم. وذلك لأنه كلما زادت مدة البطالة كلما زادت الصعوبة في عودة الشخص إلى العمل - أي عمل - مرة أخرى لأنه يستمرئ ويتأقلم مع الكسل وما يتعلق به. ويمكن أن يتم ذلك عن طريق التدريب كإعانة أو دعم الأجور بتحمل فرق الأجر والباقي على رب العمل لتكون المحصلة تكاليف ربما كبير في الأجل القصير لتحقيق خفض في البطالة في الأجل الطويل وإزاحة شبح التكاليف المتصاعدة والمزمنة.

مكافحة البطالة:
1) أولاً ليس هناك خوارق للعادات في ما يتعلق بحل مشكلات البطالة فلابد من جهود وتخطيط وصبر والتوفيق بيد الله تعالى، ثم لا بديل لتدخل الدول لإيجاد الفرص ورفع الظلم عن العمال والفقراء والتأكد من توفر الحد الأدنى لمستوى المعيشة لجميع أفراد المجتمع. ولكن ينبغي أن لا يترك القطاع العام وحده ليحل مشكلة البطالة أو غيرها.

2) قد تكون البطالة متعلقة بتوفر أشياء أخرى غير وفرة الوظائف مثل المساكن قرب الأعمال أو وسائل النقل أو التدريب أو الخدمات الطبية أو التعليم ونحوها من مشروعات البنية الأساسية، فلابد من العمل على توفيرها.


 
3) يحتاج الأمر إلى معرفة أكثر للفقر والبطالة لأن المعلومات قوة للعاطل والفقير والمحسن والعامل في مجال البر وكذلك للقطاع العام حيث يبني عليها التخطيط والسياسات الخ فمن فوائدها تحليل ودراسة المعلومات للوصول إلى الأسباب الحقيقة للبطالة من أجل علاجها وبناءً على الأسباب توضع الخطط والأهداف والأولويات ثم تقيم النتائج لتحدد الاتجاه الصحيح للعمل. ويمكن أن يشارك العاطل نفسه أو الفقير في الرصد تحديد الأهداف وطرق العلاج والتقييم لأنه أقرب وألصق بالمشكلة. بل وإذا كان هناك مبادرة شخصية حقيقة للعمل والهرب من الفقر والبطالة فلتدعم فالشخص العاقل أعرف وأحرص على ما يصلحه بشرط توفر الجدية فيه والمنطق في مبادرته.

4) ولقد علمت بعض الحكومات ومنذ القدم على تفادي البطالة بالعمل على الحصول على التوظيف الكامل لعمالها عن طريق إصدار القوانين كما ظهر ذلك في وثائق الأمم المتحدة مثل الصيغة الأخيرة لقرار "بريتون وودز" التي أنشـأ بموجبها (( صندوق النقد الدولي )) وإن اختلفت درجات التزام كل دولة بهذه القوانين.

فإنهم كانوا يعالجون نقص النمو الاقتصادي ونقص الطلب على السلع والخدمات بزيادة التوظيف من أجل توليد المزيد من الدخول والتي هي بالطبع عوامل نمو. وفي ظل تلك الظروف الاقتصادية والأفكار ظهرت النظرية العاملة لينكز واشتهرت كما أنهم كانوا أيضاً يعملون على خفض الأسعار عندما ترتفع عن طريق زيادة الإنتاج وزيادة الإنتاج معناها زيادة التوظيف. ولهذا نجد في دساتير كثير من الدول أنها تكفل للفرد حرية العمل وحق العمل وذلك لأهمية العمل لحياة الناس.

ومن تلك القوانين التي نجحت في مكافحة البطالة في بعض المناطق ،قانون يجعل هناك حداً أقصى لساعات العمل ( 45 ساعة في الأسبوع مثلاً ) لا يزايد عليها إلا بأجر مرتفع محدد، مما يجعل أرباب العمل يزيدون في التوظيف لأنه أرخص مقارنة بدفع أجرة عالية لما يزيد عن الحد الأقصى لعاملهم القديم. وكذلك قوانين تحسين مناخ الاستثمار وغيرها.

وبمناسبة الكلام عن قوانين العمل فهناك ميثاق منظمة العمل العربي الذي ينص على ضرورة وضع حد أدنى للأجور يكون كافياً لتوفير الضروريات للعامل وأسرته وهي الملبس والمسكن والمطعم بمستوى إنساني لائق. لكن يجب الانتباه إلى أن مثل القانون قد يرفع التكاليف فينخفض الإنتاج والنمو فلابد من دراسته بدقة وعناية قبل الإقدام عليه. ولهذا نجد أن الدول الصناعية تحاول الاشتراط على الدول الضعيفة النامية الالتزام بقوانين العمل وما تسمية حقوق العمال من حد أدنى للأجور إلى إعانات البطالة وغيرها من المزايا المتاحة لعمال الدول الصناعية وذلك كسياسة حمائية تمارسها الدول الصناعية ضد الدول المستضعفة النامية خوف من منافسة منتجاتها وهو ما ستحققه لها العولمة بكفاءة.

5) لا بد من العمل على كسر حلقة الفقر المغلقة لارتباطها الوثيق بالبطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية ولابد من وجود القناعة بأن الفقر قد يطول لكنه يمكن أن ينتهي هذه حقيقة ينبغي أن تنشر وتعلم ويسعى لها بالاستعانة بالله تعالى.

ولقد وجد أن العمل وحدة هو سبب إخراج الفقراء من فقرهم في البرازيل كما أن توفير الوظائف أحد أهم وسائلهم للخروج من الفقر في الصين إن لم يكن الأهم علماً أن القطاع الخاص يقع عليه هناك العبء الأكبر لتوفير الوظائف.

ورغم أن الفقر يمكن اعتباره نتيجة لعمليات اقتصادية واجتماعية وسياسية متشابكة تتفاعل فيما بينها ويدعم بعضها بعضاً إلا أن التنمية الاقتصادية الاجتماعية الشاملة والتي تتضمن النمو الاقتصادي هي أهم طرق تخفيض أعداد الفقراء والعاطلين.

حيث يمكن تقليل الفقر بزيادة الموارد المتاحة للفقراء وبالنمو الاقتصادي المدعوم بمجموعة من السياسات الاقتصادية التي تشجع على الاستقرار الاقتصادي بخفض التضخم وزيادة الأسعار وخفض عجز الميزانية والديون الربوية العامة والاستثمار في صحة وتعليم الفقراء بتحسين توزيع الدخول كما تؤكد ذلك تقارير المنظمات الدولية والدراسات الاقتصادية.

وعلى سبيل المثال، فإن دراسة أجريت على 80 دولة خلال 40 سنة تشير إلى أن زيادة النمو الاقتصادي بمعدل سنوي يساوي 2.9 % يؤدي إلى تضاعف دخول الفقراء في المجتمع حتى ولو لم يتحسن توزيع الدخول وبقي كما هو عليه في ذلك المجتمع.

المزيد من أمثلة برامج تعامل الدول مع البطالة والفقر:
1) الكويت - كمثال لدول الخليج - تدرس تبني برامج حوافز للقطاع الخاص لتشجيع التوظيف.
2) مصر تتبنى تشجيع المشروعات الصغيرة بهـدف خفـض البطـالة وذلك عن طريق (( الصندوق الاجتماعي المصري )) الذي وفر آلاف فرص العمل للمواطنين المصريين.
3) الأردن قدمت قبل حوالي أربع سنوات برنامجاً يسمى (( حزمة الأمان الاجتماعي الأردنية )) لمواجهة الآثار السلبية للتحولات الاقتصادية العالمية والمحلية المتمثلة في:
*العولمة.
*مشروع الشرق - أوسطية.
*مشروع الشراكة الأوروبية المتوسطة.
*بالإضافة إلى البرامج الاقتصادية المحلية مثل آثار الخصخصة.

مكونات الحزمة الأساسية:
أ) زيادة المعونات عن طريق تأسيس صندوق معونات وقروض للمعاقين والأحداث وتأمين أعمالاً للعاطلين وزيادة الإنتاج بحيث لا يصرف أي مساعدة للأسر التي عندها قادر على العمل بل يبحث عن عمل ويتحمل الصندوق إلى نصف أجرته أثناء التدريب على رأس العمل.
ب) توفير البني الأساسية من صحة وتعليم وعمل وسكن ونظافة أي تحسين مستوى معيشة بعض المجتمعات السكانية العشوائية.
ج) تبني المشاريع الإنتاجية الصغيرة في جيوب الفقر والبادية لتشغيل كبار السن والنساء بمساعدة المنظمات الأهلية الخيرية التطوعية والتي تبلغ حوالي 2200 منظمة في الأردن. وأهمية هذه الحزمة تأتي لارتفاع الأسعار وانخفاض المعونات الحكومية في الأردن على الأقل في ذلك الوقت.

4 / في روسيا هناك سلة من وسائل الحماية الاجتماعية مكونة من:
*معاشات التقاعد.
*أعانة البطالة.
*علاوات الأطفال.
*إعانة المعاقين.
*دعم توفير الغذاء.
*أنظمة تحديد أسعار السلع والخدمات.
وهذه تتكامل مع بعضها لتوفير حماية اجتماعية ضد الفقر وانخفاض الدخول.

5 / كانت الجمهوريات السوفيتية السابقة تعين المؤسسات المالية بل وتعفيها من الالتزامات من أجل خفض البطالة. وقد كانت معدلات البطالة فيها كبيرة نتيجة التحول إلى نظام السوق الرأسمالي لكن نجد القواعد الصارمة المتعلقة باستحقاق إعانة البطالة في مثل جمهورية التشيك أدت إلى ارتفاع نسب التوظيف بشكل ملحوظ.

6 / برنامج المساعدات الاجتماعية في ألمانيا:
من حق المقيمين في ألمانيا حتى غير المواطنين الألمان أن يحصلوا على الحد الضروري لمستوى المعيشة الذي يحفظ كرامة الإنسان وهو حوالي 12.000 مارك سنوياً للشخص الأعزب وفي ظل هذا البرنامج فإنه يوفر هذا المقدار للذين ليس لديهم أي مصدر للدخل ومن يحصل على دخل أقل من هذا المبلغ فإن برنامج المساعدات الاجتماعي يوفر له الفرق بين الحد الضروري وبين معاشات التقاعد مثلاً أو الفرق بين الحد الضروري والدخل المنخفض. أقول أليس هذا هو النظام الإسلامي والأمة المسلمة أولى به؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضع تعليقك وقول رأيك بحرية وجرأة