الثلاثاء، 24 يوليو 2012

مقدمة هامة عن البطالة



البطالة مشكلة اقتصادية، كما هي مشكلة نفسية، واجتماعية، وأمنية، وسياسية. وجيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج، لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة.
فالشاب يفكّر في بناء أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، بالاعتماد على نفسه، من خلال العمل والإنتاج، لا سيما ذوي الكفاءات، والخريجين الذين أمضوا الشطر المهم من حياتهم في الدراسة والتخصص، واكتساب الخبرات العملية، وقد حلّل الإسلام مشكلة الحاجة المادية والبطالة، تحليلاً نفسياً كما حللها تحليلاً مادياً:
منها ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله: «إنّ النفس إذا أحرزت قوتها استقّرت» .
وعن الإمام جعفر الصادق (رضي الله عنه): «إن النفس قد تلتاث على صاحبها، إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه، فإذا هي أحرزت قوتها اطمأنت».
وهذا النص يكشف العلمية التحليلية للعلاقة بين الجانب النفسي من الإنسان، وبين توفر الحاجات المادية، وأثرها في الاستقرار والطمأنينة، ولقد وجّه القرآن الكريم الأنظار إلى العمل والإنتاج، وطلب الرزق، فقال: (فامشُوا في مناكبها وكُلوا من رزقه واليه والنشورُ). (الملك / 10)
وقال: (فإذا قُضيت الصلاةُ فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله). (الجمعة / 10)
واعتبر الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) العمل كالجهاد في سبيل الله؛ فقد روي عنه (صلى الله عليه وسلم) قوله: «الكادّ على عياله، كالمجاهد في سبيل الله».
وروي عن الإمام علي عليه السلام قوله: «إن الأشياء لمّا ازدوجت، ازدوج الكسل والعجز، فنتجا بينهما الفقر».
وفي التشديد على التحذير من البطالة والكسل والفراغ، نقرأ ما جاء في رواية الإمام الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: «قال أبي لبعض ولده: إياك والكسل والضجر، فإنهما يمنعانك من حظك في الدنيا والآخرة».
وقد جسّد الأنبياء والأئمة والصالحون هذه المبادئ تجسيداً عملياً؛ فكانوا يعملون في رعي الغنم والزراعة والتجارة والخياطة والنجارة.
وقد وضح الإمام علي بن موسى الرضا ذلك، فقد نقل أحد أصحابه، قال: «رأيت أبا الحسن يعمل في أرضه، قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت له: جعلت فداك، أين الرجال؟ فقال: رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وأمير المؤمنين وآبائي، كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين).
لذلك قمت بعمل هذا البحث لدراسة البطالة من جميع نواحيها ومعرفة أسبابها وأثارها على الفرد والمجتمع نفسياً وجسدياً واقتصادياً وكيفية علاجها .

هناك مشكلة بطالة فى المملكة العربية السعودية وها هى ابعاد مشكلة البطالة فى المملكة العربية السعودية


مكافحة البطالة وتحقيق السعودة هدف استراتيجي للدولة، هذا التصريح الذي ردده الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي في أكثر من مناسبة على مر السنوات المنصرمة، ليس مستغربا كون البطالة أصبحت من أخطر المشكلات التي تهدد المجتمعات المعاصرة عموما، وإحدى التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه المملكة العربية السعودية.
يرجع السبب الرئيسي في بروز مشكلة البطالة على وجه العموم إلى قصور جانب الطلب عن استيعاب المعروض من القوى العاملة"، وقد أحال ذلك إلى عدد من العوامل ، أهمها :
1- تراجع معدلات النمو الاقتصادي .
2- معدلات النمو العالية للسكان.
3- ضعف مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل.
4-التراجع في قدرة القطاع العام على التوظيف.
5- الإقبال المتزايد من الإناث على المشاركة في قوة العمل.
6- اتباع بعض الدول سياسة "الباب المفتوح" أمام العمال الوافدين.
7- النظرة الدونية لبعض المهن.
8- دخول التكنولوجيا الحديثة.
       9- ضعف البيانات المتوفرة عن سوق العمل.
       وهناك آثار عدة تتولد من جراء تفشي البطالة في السعودية، على الصعيد الاقتصادي مثلا: انعدام الأمن الاقتصادي لدى الفرد، أما على مستوى الدولة، ففيها إهدار لقيمة العمل البشرية وتؤثر على قدرة الحكومة بالسلب في الإنفاق على الخدمات العامة الضرورية كالتعليم و الصحة.
وعلى الصعيدين السياسي و الاجتماعي، فهي تؤدي للسخط على النظام الحاكم، وتهيأ مناخا محرضا للعمل ضد أمن الدولة، كونها – أي البطالة- تدفع بالفرد نحو ممارسة العنف و التطرف والجريمة. وأخيرا على الصعيد النفسي، حيث كثيرا ما يصاب العاطل بالاكتئاب والاغتراب و بالتالي يندفع إلى الانحراف و إدمان المخدرات و معاقرة الخمور، وفقدان الشعور بالانتماء للمجتمع.

من خلف البطالة السعودية؟
       إن البطالة لم تكن من المشاكل التي تؤرق السعوديين قبل عقد من الزمن، حيث كان طالبو العمل من المواطنين تتوافر أمامهم فرص سهلة في العمل، خاصة في القطاع الحكومي، إلا أن هذا الوضع تغير في السنوات الأخيرة.
في تقرير حديث أصدره أحد البنوك عن حجم البطالة، بين أن من بين كل ثلاثة يتقدمون لسوق العمل، يتمكن واحد منهم فقط في الحصول على الوظيفة، كما بين التقرير نفسه أن من 15% إلى 20% من الشباب السعودي لا يجدون عملا، كما نوه البحث إلى تقرير حديث وشبه رسمي صادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي توصل وفق حساباته الخاصة بالتقدير، إلى أن نسبة البطالة في المملكة تناهز 31.7%، لكنه في الوقت نفسه أكد أن هذه النسبة ليست بالضرورة أن تكون دقيقة، كما أشارت بعض التقارير الصحفية على أن نسبة البطالة في المملكة تصل إلى 27% قياسا بـ 12% قبل خمس سنوات مضت، و علل البحث التفاوت بين النسب المحددة في البطالة للمملكة إلى عدم توافر إحصائيات و مسوحات ديموغرافية دقيقة عن السكان، إلا أنه لم يتحدث في نتائجه سوى عن التقريرين البنكي و الصحفي.
       إن من أسباب البطالة داخل السعودية، مزاحمة العمالة الوافدة للوطنية، إذ استقدمت عمالة وافدة ضخمة (من 2.7 مليون إلى 4.1 مليون) لتنفيذ مراحل خطتي التنمية الثانية و الثالثة خلال 1975م- 1985، ورغم اكتمال مشاريع البني التحتية، أو مشارفتها على ذلك مع نهاية الخطة الثالثة، كان من الطبيعي أو المفترض أن ينخفض عدد العمال الوافدين لعدم الحاجة إليهم، لكن الذي حدث هو العكس، إذ ارتفع عددهم مع نهاية الخطة الخماسية السادسة عام 2000م إلى 6.2 مليون، مما تسبب في إغراق سوق العمل السعودية، فالعمال غير السعوديين بلغت نسبة تمثيلهم من قوى العمل في المملكة 73% في الوقت الذي لم تزد فيه عن 20% في منتصف السبعينات الميلادية .
وانتقل البحث إلى أثر تراجع معدلات النمو الاقتصادي، يقول البحث : "ما لم تقم الحكومة بمعالجة مشكلة عجوزات الميزانية المزمنة يظل معدل النمو الاقتصادي للملكة في خطر"، وأشار إلى الأثر الخطير للدين العام على الاقتصاد الوطني الذي بلغ عام 2000 اكثر من 600 بليون ريال، أي ما يشكل 93% من الناتج المحلي العام، وهو مستوى كبير جدا، يقدر الدين الخارجي منه بحوالي 5% ، بينما تشكل الديون البنكية حوالي 21% أما النسبة الباقية فهي عبارة عن ديون تعود إلى مؤسسات حكومية مستقلة مثل صندوق معاشات التقاعد و المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية .
        "إن معدلات النمو السكانية العالية ليست مشكلة في حد ذاتها إذا ما صاحبتها معدلات نمو اقتصادي مرتفع، و هذا ليس ما عليه الحال في المملكة كما أشرنا في السابق"، حيث نسبة زيادة المواليد في المملكة هي الأعلى على مستوى العالم،حيث أنه يولد طفل سعودي كل دقيقة و هذا يفوق معدل مصر و الصين و الهند.
 ثم تطرق البحث إلى العلاقة بين مخرجات التعليم و حاجة سوق العمل، و يؤكد البحث على أنه من أسباب ظهور و تنامي البطالة بين خريجي التعليم العالي، الخلل الهيكلي النظام في النظام التعليمي، و عدم مواءمة مخرجاته مع سوق العمل، ففي العشر سنوات الماضية تتراوح نسبة المتخرجين من التخصصات النظرية ما بين 80-85% في مقابل 15-20% للتخصصات العلمية المطلوبة في سوق العمل، إضافة إلى ذلك، فقد فشل النظام التعليمي في المملكة في غرس مهارات المبادرة و الابتكار و الإبداع لدى الخريجين، خصوصا في المرحلة الثانوية، و حتى خريجي الجامعات في المملكة، من ذوي التخصصات المرغوبة في سوق العمل، يفتقدون بدرجة كافية إلى المهارات المطلوبة للعمل في القطاع الخاص !! كضعفهم في اللغة الإنجليزية و عدم إلمامهم بالحاسب الآلي، و ضعف التأهيل التخصصي والقدرة التحليلية و عم توفر الخبرة الكافية.

 ماهي السعودة ؟
إن إحلال العمالة الوطنية محل العمال الوافدين، وصولا في النهاية إلى توطين الوظائف و الاستخدام الأمثل لقوة العمل الوطنية، في تقييم البحث (غدت ضرورة ملحة تمليها حقوق المواطنة و تفرضها معطيات الواقع)، إذ أن تحقيق "السعودة" والوصول بها إلى مستويات عالية يتضمن حماية المجتمع من خطر البطالة، إضافة إلى الحد من استنزاف العملة الصعبة إلى خارج البلاد في شكل تحويلات من طرف الوافدين (بلغت حوالي 68% من جملة الإنفاق الحكومي)، هذا غير تخفيف الضغط على قطاع الخدمات مما يؤدي إلى تقليص الإنفاق الحكومي عليها، و قد تناول البحث مدى نجاح الجهود الرامية للسعودة على مستويين:-
اولا : على القطاع العام، الذي قطع شوطا جيدا في السعودة (بلغ عدد غير السعوديين العاملين في هذا القطاع 82896 من 674554)، و يشير البحث إلى أنه من أهم المعوقات التي تواجه تنفيذ السعودة في هذا القطاع تتلخص في التالي :
1- عدم توافق مخرجات النظام التعليمي مع حاجة الأجهزة الحكومية.
2- إصرار بعض المواطنين على العمل في مدن محددة.
3- ضعف إقبال المواطنين على بعض الوظائف المتاحة.
4- وجود وظائف لا يخضع التوظيف عليها لرقابة مركزية.
5- تهاون بعض المسؤولين.
6- ضعف الرواتب و الحوافز .
7- الحد من الابتعاث في الجهات الحكومية للدراسة و الحصول على درجة علمية أعلى.
ثانياً : متمثلا في القطاع الخاص، ما زالت نسبة المواطنين تشكل نسبة متواضعة من مجمل القوى العاملة فيه (بلغت 8.4 %) ، و عودة ذلك ليست إلى موقف سلبي اتخذه أرباب العمل من السعودة، إنما كما وردت في مذكرة صادرة عام 1422هـ عن مجلس الغرف السعودية : (إن إلزام القطاع الخاص بنسب سعودة ثابتة في جميع المهن، أمر يصعب تطبيقه عمليا، نظرا لعدم توافر عرض العمالة السعودية في بعض التخصصات، هذا بالإضافة إلى أنه ليست كل المهن محل إقبال متساوي من السعوديين).
وألخص العوائق التي تواجه تطبيق السعودة بالقطاع الخاص في التالي :
1- تدني مستوى أجور نسبة كبيرة من العمالة الوافدة.
2- قيام بعض أصحاب العمل بوضع شروط صعبة.
3- العرض الكبير من العمالة الوافدة مع مستويات مهارية عالية و خبرة طويلة.
4-عدم توافق مؤهلات بعض طالبي العمل و بعض الوظائف.
5- شعور الكثير من طلاب العمل السعوديين بأن القطاع الخاص لن يحقق لهم الأمن الوظيفي.
6- ضعف الوعي بأهمية العمل و مسؤولية العامل من قبل بعض طالبي العمل السعوديين.
7- وجود بعض الفرص الوظيفية في أماكن نائية و عدم توافر العدد الكافي من السعوديين الراغبين في العمل في بعض المهن.
8- قصر جهود السعودة على منشآت القطاع الخاص الكبيرة.
9- التنظيم المؤسسي لمنشآت القطاع الخاص.

الاجراءات التى يجب ان تتخذها الدول لعلاج البطالة


لابد للمجتمع بمؤسساته العامة والخيرية أن يتكاتف لتوفير الحد الأدنى من مستوى المعيشة لجميع أفراده العاجزين عن توفيره لأنفسهم لأي سبب ومن ضمن ذلك تقديم إعانات البطالة لكن يجب أن تكون مبالغ هذه الإعانات مدروسة بعناية فإذا كانت مرتفعة إلى حد الاقتراب الكبير من مستوى الأجور في المجتمع فإنها قد تساعد على نشوء البطالة بل واستمرارها لمدد طويلة عندما تنشا كما رأينا في حالة ( أسبانيا ).
ولهذا فتعمد بعض الدول إلى جعل إعانة البطالة تتناقص مع مرور الزمن وذلك من أجل حفز العاطلين على الجدية في طلب العمل.
كما يمكن جعل بعض الإعانات مشروطة بتحقيق بعض التحسن في سلوك الفرد وحياته مثل ترك بعض العادات السيئة كالتدخين والإسراف أو إدخال أولاده إلى المدرسة أو التدريب على مهنة ونحو ذلك.
كما يمكن جعل إعانة البطالة مؤقتة أو تنخفض بالتدريج عند وجود عمل ولا تنقطع فجأة لئلا تثبط عن البحث عن عمل أو جعلها تتناقص مع الزمن ولو لم يجد عملاً.
إن برامج مساعدة العاطلين على إنشاء أعمالاً حرة خاصة بهم عندما تبدو عليهم الجدية أفضل بكثير من إعانات البطالة لأن الإعانات استهلاك وإنشاء الأعمال الحرة الصغيرة يعد استثماراً، ومثل هذه البرامج عالجت ما يصل إلى 5 % من البطالة كما تشير دراسة أجريت في تسع دول أوروبية.
لكن لابد أن تكون البرامج مدروسة بعناية والمستحقين قد تم اختيارهم بدقة لكي تؤتي ثمارها ففي بريطانيا على سبيل المثال يلتحق المرشحون لمثل هذه البرامج في دورات تدريبية واختبارات للمهارات والمعرفة وعادة ما ينسحب نصف المرشحين قبل نهاية هذه الدورات. كما يمكن أن تدفع المبالغ اللازمة لإنشاء الأعمال الحرة على شكل أقساط أو قد تأتي على شكل ضمان يمكن بموجبه الحصول على قروض لبدأ العمل الحر كما في هولندا ونحو ذلك مما يختلف حسب الحالة والظروف.
كما قد يكون من المجدي أيضاً كبديل للإعانة المباشرة للبطالة القيام بإعانة مجالات التوظيف لفتح فرص العمل للعاطلين وإعانة لأرباب الأعمال من أجل استمرار الموظفون الحاليين في العمل بدلاً من طردهم. وذلك لأنه كلما زادت مدة البطالة كلما زادت الصعوبة في عودة الشخص إلى العمل - أي عمل - مرة أخرى لأنه يستمرئ ويتأقلم مع الكسل وما يتعلق به. ويمكن أن يتم ذلك عن طريق التدريب كإعانة أو دعم الأجور بتحمل فرق الأجر والباقي على رب العمل لتكون المحصلة تكاليف ربما كبير في الأجل القصير لتحقيق خفض في البطالة في الأجل الطويل وإزاحة شبح التكاليف المتصاعدة والمزمنة.

مكافحة البطالة:
1) أولاً ليس هناك خوارق للعادات في ما يتعلق بحل مشكلات البطالة فلابد من جهود وتخطيط وصبر والتوفيق بيد الله تعالى، ثم لا بديل لتدخل الدول لإيجاد الفرص ورفع الظلم عن العمال والفقراء والتأكد من توفر الحد الأدنى لمستوى المعيشة لجميع أفراد المجتمع. ولكن ينبغي أن لا يترك القطاع العام وحده ليحل مشكلة البطالة أو غيرها.

2) قد تكون البطالة متعلقة بتوفر أشياء أخرى غير وفرة الوظائف مثل المساكن قرب الأعمال أو وسائل النقل أو التدريب أو الخدمات الطبية أو التعليم ونحوها من مشروعات البنية الأساسية، فلابد من العمل على توفيرها.


 
3) يحتاج الأمر إلى معرفة أكثر للفقر والبطالة لأن المعلومات قوة للعاطل والفقير والمحسن والعامل في مجال البر وكذلك للقطاع العام حيث يبني عليها التخطيط والسياسات الخ فمن فوائدها تحليل ودراسة المعلومات للوصول إلى الأسباب الحقيقة للبطالة من أجل علاجها وبناءً على الأسباب توضع الخطط والأهداف والأولويات ثم تقيم النتائج لتحدد الاتجاه الصحيح للعمل. ويمكن أن يشارك العاطل نفسه أو الفقير في الرصد تحديد الأهداف وطرق العلاج والتقييم لأنه أقرب وألصق بالمشكلة. بل وإذا كان هناك مبادرة شخصية حقيقة للعمل والهرب من الفقر والبطالة فلتدعم فالشخص العاقل أعرف وأحرص على ما يصلحه بشرط توفر الجدية فيه والمنطق في مبادرته.

4) ولقد علمت بعض الحكومات ومنذ القدم على تفادي البطالة بالعمل على الحصول على التوظيف الكامل لعمالها عن طريق إصدار القوانين كما ظهر ذلك في وثائق الأمم المتحدة مثل الصيغة الأخيرة لقرار "بريتون وودز" التي أنشـأ بموجبها (( صندوق النقد الدولي )) وإن اختلفت درجات التزام كل دولة بهذه القوانين.

فإنهم كانوا يعالجون نقص النمو الاقتصادي ونقص الطلب على السلع والخدمات بزيادة التوظيف من أجل توليد المزيد من الدخول والتي هي بالطبع عوامل نمو. وفي ظل تلك الظروف الاقتصادية والأفكار ظهرت النظرية العاملة لينكز واشتهرت كما أنهم كانوا أيضاً يعملون على خفض الأسعار عندما ترتفع عن طريق زيادة الإنتاج وزيادة الإنتاج معناها زيادة التوظيف. ولهذا نجد في دساتير كثير من الدول أنها تكفل للفرد حرية العمل وحق العمل وذلك لأهمية العمل لحياة الناس.

ومن تلك القوانين التي نجحت في مكافحة البطالة في بعض المناطق ،قانون يجعل هناك حداً أقصى لساعات العمل ( 45 ساعة في الأسبوع مثلاً ) لا يزايد عليها إلا بأجر مرتفع محدد، مما يجعل أرباب العمل يزيدون في التوظيف لأنه أرخص مقارنة بدفع أجرة عالية لما يزيد عن الحد الأقصى لعاملهم القديم. وكذلك قوانين تحسين مناخ الاستثمار وغيرها.

وبمناسبة الكلام عن قوانين العمل فهناك ميثاق منظمة العمل العربي الذي ينص على ضرورة وضع حد أدنى للأجور يكون كافياً لتوفير الضروريات للعامل وأسرته وهي الملبس والمسكن والمطعم بمستوى إنساني لائق. لكن يجب الانتباه إلى أن مثل القانون قد يرفع التكاليف فينخفض الإنتاج والنمو فلابد من دراسته بدقة وعناية قبل الإقدام عليه. ولهذا نجد أن الدول الصناعية تحاول الاشتراط على الدول الضعيفة النامية الالتزام بقوانين العمل وما تسمية حقوق العمال من حد أدنى للأجور إلى إعانات البطالة وغيرها من المزايا المتاحة لعمال الدول الصناعية وذلك كسياسة حمائية تمارسها الدول الصناعية ضد الدول المستضعفة النامية خوف من منافسة منتجاتها وهو ما ستحققه لها العولمة بكفاءة.

5) لا بد من العمل على كسر حلقة الفقر المغلقة لارتباطها الوثيق بالبطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية ولابد من وجود القناعة بأن الفقر قد يطول لكنه يمكن أن ينتهي هذه حقيقة ينبغي أن تنشر وتعلم ويسعى لها بالاستعانة بالله تعالى.

ولقد وجد أن العمل وحدة هو سبب إخراج الفقراء من فقرهم في البرازيل كما أن توفير الوظائف أحد أهم وسائلهم للخروج من الفقر في الصين إن لم يكن الأهم علماً أن القطاع الخاص يقع عليه هناك العبء الأكبر لتوفير الوظائف.

ورغم أن الفقر يمكن اعتباره نتيجة لعمليات اقتصادية واجتماعية وسياسية متشابكة تتفاعل فيما بينها ويدعم بعضها بعضاً إلا أن التنمية الاقتصادية الاجتماعية الشاملة والتي تتضمن النمو الاقتصادي هي أهم طرق تخفيض أعداد الفقراء والعاطلين.

حيث يمكن تقليل الفقر بزيادة الموارد المتاحة للفقراء وبالنمو الاقتصادي المدعوم بمجموعة من السياسات الاقتصادية التي تشجع على الاستقرار الاقتصادي بخفض التضخم وزيادة الأسعار وخفض عجز الميزانية والديون الربوية العامة والاستثمار في صحة وتعليم الفقراء بتحسين توزيع الدخول كما تؤكد ذلك تقارير المنظمات الدولية والدراسات الاقتصادية.

وعلى سبيل المثال، فإن دراسة أجريت على 80 دولة خلال 40 سنة تشير إلى أن زيادة النمو الاقتصادي بمعدل سنوي يساوي 2.9 % يؤدي إلى تضاعف دخول الفقراء في المجتمع حتى ولو لم يتحسن توزيع الدخول وبقي كما هو عليه في ذلك المجتمع.

المزيد من أمثلة برامج تعامل الدول مع البطالة والفقر:
1) الكويت - كمثال لدول الخليج - تدرس تبني برامج حوافز للقطاع الخاص لتشجيع التوظيف.
2) مصر تتبنى تشجيع المشروعات الصغيرة بهـدف خفـض البطـالة وذلك عن طريق (( الصندوق الاجتماعي المصري )) الذي وفر آلاف فرص العمل للمواطنين المصريين.
3) الأردن قدمت قبل حوالي أربع سنوات برنامجاً يسمى (( حزمة الأمان الاجتماعي الأردنية )) لمواجهة الآثار السلبية للتحولات الاقتصادية العالمية والمحلية المتمثلة في:
*العولمة.
*مشروع الشرق - أوسطية.
*مشروع الشراكة الأوروبية المتوسطة.
*بالإضافة إلى البرامج الاقتصادية المحلية مثل آثار الخصخصة.

مكونات الحزمة الأساسية:
أ) زيادة المعونات عن طريق تأسيس صندوق معونات وقروض للمعاقين والأحداث وتأمين أعمالاً للعاطلين وزيادة الإنتاج بحيث لا يصرف أي مساعدة للأسر التي عندها قادر على العمل بل يبحث عن عمل ويتحمل الصندوق إلى نصف أجرته أثناء التدريب على رأس العمل.
ب) توفير البني الأساسية من صحة وتعليم وعمل وسكن ونظافة أي تحسين مستوى معيشة بعض المجتمعات السكانية العشوائية.
ج) تبني المشاريع الإنتاجية الصغيرة في جيوب الفقر والبادية لتشغيل كبار السن والنساء بمساعدة المنظمات الأهلية الخيرية التطوعية والتي تبلغ حوالي 2200 منظمة في الأردن. وأهمية هذه الحزمة تأتي لارتفاع الأسعار وانخفاض المعونات الحكومية في الأردن على الأقل في ذلك الوقت.

4 / في روسيا هناك سلة من وسائل الحماية الاجتماعية مكونة من:
*معاشات التقاعد.
*أعانة البطالة.
*علاوات الأطفال.
*إعانة المعاقين.
*دعم توفير الغذاء.
*أنظمة تحديد أسعار السلع والخدمات.
وهذه تتكامل مع بعضها لتوفير حماية اجتماعية ضد الفقر وانخفاض الدخول.

5 / كانت الجمهوريات السوفيتية السابقة تعين المؤسسات المالية بل وتعفيها من الالتزامات من أجل خفض البطالة. وقد كانت معدلات البطالة فيها كبيرة نتيجة التحول إلى نظام السوق الرأسمالي لكن نجد القواعد الصارمة المتعلقة باستحقاق إعانة البطالة في مثل جمهورية التشيك أدت إلى ارتفاع نسب التوظيف بشكل ملحوظ.

6 / برنامج المساعدات الاجتماعية في ألمانيا:
من حق المقيمين في ألمانيا حتى غير المواطنين الألمان أن يحصلوا على الحد الضروري لمستوى المعيشة الذي يحفظ كرامة الإنسان وهو حوالي 12.000 مارك سنوياً للشخص الأعزب وفي ظل هذا البرنامج فإنه يوفر هذا المقدار للذين ليس لديهم أي مصدر للدخل ومن يحصل على دخل أقل من هذا المبلغ فإن برنامج المساعدات الاجتماعي يوفر له الفرق بين الحد الضروري وبين معاشات التقاعد مثلاً أو الفرق بين الحد الضروري والدخل المنخفض. أقول أليس هذا هو النظام الإسلامي والأمة المسلمة أولى به؟